تمكّن باحثون من بناء كروموسوم شديد التعقيد من الصفر وأظهروا انه يعمل بصورة طبيعية بعد زرعه في كائن عضوي سليم. استخدم فريق دولي من العلماء تكنولوجيا الكومبيوتر لإعادة تصميم أحد الكروموسومات الموجود في الخميرة ببناء تكوينه الخيطي من جديد قطعة فقطعة في المختبر. وفي مشروع استغرق سنوات أعاد العلماء تنظيم الكروموسوم بإزالة الجينات غير الضرورية والاستعاضة عنها بحمض نووي جديد لإنتاج سلالات جديدة من الخميرة.
ويقدّم هذا الانجاز دليلا جديدا على تطور البيولوجيا التركيبية التي أصبحت حقلا علميا يعد بمنح الباحثين سيطرة لا سابق لها على المادة البيولوجية. وكان علماء تمكنوا في السابق من بناء كروموسومات لبكتيريا وفيروسات ولكن هذه هي المرة الأولى التي بنوا فيها كروموسوما لزرعه في كائن عضوي أشد تعقيدا له نوى محددة المعالم بوضوح. وتشمل هذه الخلايا اليوكاريوتية الحديثة النبات والحيوان والانسان. تخليق كائنات لإنتاج مواد كيميائية ويمكن ان يفضي البحث في بناء كروموسومات اصطناعية الى تخليق كائنات عضوية مصممة بمواصفات محدَّدة لانتاج مواد كيميائية نافعة أو عقاقير طبية أو وقود حياتي. وأعاد الفريق الدولي برئاسة جيف بويكي من جامعة نيويورك بناء الكروموسوم رقم 3 في الخميرة Saccharomyces cerevisiae التي تُستخدم مصدرا لفيتامين ب وصناعة البيرة. ويتحكم هذه الكروموسوم بتكاثر الكائنات العضوية. تركيب جينومات يوميا ونقلت صحيفة الغارديان عن باتريك ييجي كاج عضو فريق الباحثين الدولي من جامعة ادنبرة الاسكتلندية ان بناء الكروموسوم من الصفر "خطوة كبيرة الى الأمام وهو أول كروموسوم اصطناعي لخلايا يوكاريوتية حديثة". واضاف كاج "اننا بعد عشر سنوات من اليوم سنكون قادرين على تركيب جينومات كل يوم". ويأتي بناء الكروموسوم في إطار مشروع عالمي هدفه بناء كل كروموسومات الخميرة من مواد كيميائية في المختبر. وكلف فريق الباحثين 60 طالبا جامعيا بمهمة تركيب الكروموسوم للاقتصاد في التكاليف. وكتب فريق الباحثين في مجلة "ساينس" العلمية "ان خلايا الخميرة التي حملت الكروموسوم الاصطناعي نمت نموا لا يختلف عن نمو سلالات الخميرة الطبيعية وان لها سلوكاً يكاد يكون مطابقا لخلايا الخميرة الطبيعية سوى انها تمتلك الآن قدرات جديدة وتستطيع ان تفعل أشياء لا تستطيع ان تفعلها الخميرة الطبيعية". ولبناء الكروموسوم الاصطناعي ربط الطلاب خيوطا قصيرة من الحمض النووي لصنع خيوط أطول تتألف من 750 الى 1000 "حرف" من حروف شفرة الحمض النووي. وقال عضو فريق الباحثين كاج "نستطيع بهذه التكنولوجيا ان نعيد بناء كائنات عضوية ونصممها حسب الطلب ونستطيع ان نصنع جينومات أكثر تطورا للكائنات العضوية تكون مفيدة في انتاج الوقود الحياتي وغيره من التطبيقات الصناعية". مخاوف بيئية وصحية وكانت الامكانات الهائلة للبيولوجيا التركيبية أثارت مخاوف من مخاطرها على البيئة أو الصحة العامة إذا هربت كائنات عضوية مصممة وفق مواصفات معينة من المختبرات. ولجعل هذه المتعضيات مأمونة يمكن تصميمها بحيث تموت ما ان تغادر المختبر مثلا بجعلها عاجزة عن التكاثر من دون حامض أميني لا يتوفر لها في الطبيعة كي تستخدمه.