"أسود الخلافة".. "البسيج" يكشف تفاصيل تقنية خطيرة عن عتاد الخلية الإرهابية    رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي يدعو إلى تطوير الشراكة مع المغرب لتشمل القارة الإفريقية    أمن مراكش يطيح بمواطن فرنسي مطلوب دوليا    منخفض جوي يقترب من المغرب مصحوب بامطار غزيرة وثلوج    سيارة مجهولة تدهس مسنة نواحي الحسيمة وسائقها يلوذ بالفرار    بورصة الدار البيضاء تعزز أرباحها عند الإغلاق    رئيس الاتحاد الموريتاني لكرة القدم يستقبل فوزي لقجع    البطل المغربي والعالمي حسن صاط يواصل تألقه بفرنسا ويستعد لأكبر نزال في شهر أبريل    نايف أكرد يغيب عن مواجهة برشلونة بسبب تراكم الإنذارات    منظمة (الألكسو).. تتويج التلاميذ المغاربة الفائزين في الدورة الثانية للبطولة العربية لألعاب الرياضيات والمنطق    الملك يهنئ رئيس جمهورية إستونيا    الصيادلة يهدّدون باستئناف "التصعيد"    أوروبا تعلق عقوبات على سوريا    وزير العدل يؤكد في "مجلس جنيف" التزام المغرب بتعزيز حقوق الإنسان    الكاتب الأول إدريس لشكر يهنئ الميلودي موخاريق بمناسبة إعادة انتخابه أمينا عاما للاتحاد المغربي للشغل لولاية رابعة    الاستخبارات المغربية تتعقب مصادر الأسلحة الإجرامية إثر تفكيك "خلايا داعشية"    حريق يداهم الحي الجامعي بوجدة    دراسة.. ارتفاع معدلات الإصابة بجرثومة المعدة لدى الأطفال بجهة الشرق    غزة ليست عقارا للبيع!    ميناء طنجة المتوسط يستقبل سربًا من مروحيات الأباتشي    "زمن الخوف".. الكتابة تحت ضغط واجب الذاكرة    الجبل ومأثور المغرب الشعبي ..    ترتيب المحترفين المغاربة الهدافين في دوري الأبطال    بوبكر سبيك: التشكيك في العمليات الأمنية يُعدّ جزءا من العقيدة الإرهابية    ترحيل حلاق من إسبانيا إلى المغرب بعد اتهامه بتجنيد مقاتلين لداعش    حموني: لم يعد مقبولا أن يغزو "تسونامي" المال والمصالح الانتخابات والأحزاب والمؤسسات التمثيلية    تسجيل هزة أرضية خفيفة بالعرائش    الدار البيضاء.. الأوركسترا السيمفونية الملكية تحتفي بالفنان الأمريكي فرانك سيناترا    سفير اسبانيا .. مدينة الصويرة تلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط الثقافية بين المغرب واسبانيا    دنيا بطمة تعود إلى نشاطها الفني بعد عام من الغياب    لافروف: روسيا ستوقف القتال في أوكرانيا عندما تحصل على ما تريد من المفاوضات    نقابة الصحفيين التونسيين تدعو لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين مع التلويح بإضراب عام في القطاع    مراكش: توقيف زوجين يروجان مواد صيدلانية مهربة من شأنها الإضرار بالصحة العامة للمواطنين    رصاصة شرطي توقف ستيني بن سليمان    مع اقتراب رمضان.. توقعات بشأن تراجع أسعار السمك    المغرب يتصدر قائمة مستوردي التمور التونسية    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    فنلندا تغلق مكتب انفصاليي البوليساريو وتمنع أنشطتهم دون ترخيص مسبق    الذهب يحوم قرب أعلى مستوياته على الإطلاق وسط تراجع الدولار وترقب بيانات أمريكية    المهاجم المغربي مروان سنادي يسجل هدفه الأول مع أتليتيك بلباو    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    انفجار يطال قنصلية روسيا بمارسيليا    المعرض الدولي للفلاحة بباريس 2025.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما في مجال الفلاحة الرقمية    السعودية تطلق أول مدينة صناعية مخصصة لتصنيع وصيانة الطائرات في جدة    غوتيريش: وقف إطلاق النار في غزة "هش" وعلينا تجنب تجدد الأعمال القتالية بأي ثمن    الصين: "بي إم دبليو" تبدأ الإنتاج الضخم لبطاريات الجيل السادس للمركبات الكهربائية في 2026    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل رشت الحكومة 10 ملايين مغربي أم خذلتهم 20 فبراير يوم الاستفتاء؟
نشر في أخبارنا يوم 03 - 07 - 2011


رويدا مروّه
باحثة في العلاقات الدولية

انتظر المغاربة "بحرارة معتدلة" نتائج الاستفتاء على دستورهم الجديد والذي حسمت نتيجته النهائية قبل أيام من حصول الاستفتاء في الأول من يوليو 2011 وذلك بسبب التصريحات التي صدرت عن بعض الشخصيات الحكومية في المغرب معربة" عن ارتياحها لنتائج التصويت لصالح إقرار الدستور، في حين تنتظر شعوب الملكيات الخليجية في أقصى الشرق العربي و"بفارغ الصبر" مستقبل الدستور المغربي الجديد بعد حصوله على "نعم" ساحقة في الاستفتاء علّها ترى شبيها له يأتي بالاصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يحلم بها أبناء الخليج لا سيّما الشعب البحريني... ولكن شيئا ما في النتيجة شبه النهائية التي أعلن عنها وزير الداخلية المغربي الطيّب الشرقاوي بعد ساعات من إقفال صناديق الاقتراع تستحق الكثير من التحليل وشيئا ما من تحركات 20 فبراير المتوقعة في مرحلة "ما بعد الاستفتاء" يستحق المناقشة علما أنّ الكثير من الذي حصل خلف ستار الحملة الاعلامية للحكومة المغربية لتعبئة الشعب للتصويت على الدستور إضافة" الى مضمون الخطاب الملكي المتوقع يوم الأحد او الاثنين للملك محمد السادس تعليقا على الاستفتاء يستحق الاستفاضة في الحديث لأنه سيعكس مستقبل "الدستور المولود" حديثا...
انّ المعضلة الحقيقية في نتيجة الاستفتاء هي كيف جاءت نتيجة التصويت ب 98% ب "نعم لصالح الدستور وسط نسبة مشاركة قاربت ال 72 بالمئة كحصيلة أوّلية بعد ساعات قليلة فقط على اقفال صناديق الاقتراع؟!... أين هم رواد حركة 20 فبراير وغيرهم كجماعة العدل والاحسان و حزب النهج الديمقراطي ذو الخلفية اليسارية الجذرية والكونفيدرالية الديمقراطية للعمل والذين دعوا جميعا لمقاطعة التصويت من هذه النتيجة الساحقة لصالح إقرار الدستور؟ أين رصيدهم البشري الذي دعوه لمقاطعة التصويت؟ أم ان هذه الاحزاب مجتمعة ومعها 20 فبراير هم الاقلية بين صفوف الناخبين المغاربة؟ أم أنّهم جميعا دون السنّ الثامنة عشر وبالتالي لا يحق لهم الاقتراع؟!!!...في كل الاحتمالات تجدر بهذه الأحزاب مراجعة مفاهيم "المقاطعة" وفعاليتها في هكذا لحظات تاريخية كتعديل دستور لمملكة بحجم المغرب وعن جدوى الدعوة للمقاطعة التي دعوا اليها...
قبل يوم الاستفتاء توافد عدد كبير من الصحافيين العرب والأجانب والذين منحتهم وزارة الداخلية المغربية ترخيصا رسميا لمتابعة مسار الاستفتاء عن قرب وتغطية هذ الحدث التاريخي في مسار المملكة المغربية...وكان لي فرصة قراءة الأوضاع العامة وانطباعات الشارع من قلب العاصمة الرباط قبل أسبوع من موعد الاستفتاء وقد التقيت خلالها بالعديد من الصحافيين والشخصيات السياسية والنقابية والشبابية الناشطة ضمن لقاءات جانبية "غير رسمية" بعيدا عن العمل الاعلامي المباشر... ولعلّ هذا الجانب هو الأكثر قدرة على ايصال معلومات حقيقة وواقعية للصحافي حول الحدث من المقابللات
الصحفية المباشرة التي يجريها عادة... وبطبيعة الحال كان الحديث دائما يدور مع كل مغربي التقيته خلال هذا الأسبوع نقاش جدّي حول الدستور المغربي الجديد أو بشكل "نكات" شعبية تسمعها من هنا وهناك حول الدستور الجديد... اذا" كل شيء في العاصمة والمدن المغربية الاخرى كان يدور حول الدستور الجديد والأهم "مرحلة ما بعد الدستور" بعد ان بدأت ملامح النتيجة النهائية للاستفتاء تظهر قبل أيام من حصوله. فقد بدى وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية خالد الناصري واثقا من نتيجة الاستفتاء قبل بضعة أيام من التصويت... فقد أعربت السلطات المغربية الثلاثاء 21 يونيو عن ثقتها في الحصول على أغلبية مؤيدة للدستور الجديد في الاستفتاء وقال خالد الناصري وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة "نحن واثقون تماما من الحصول على تأييد أغلبية الشعب لمشروع الدستور، لن تؤثر بعض الاصوات المغردة خارج السرب في زعزعة ثقتنا"، في حين دعت الأحزاب السياسية الكبرى كحزب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال إلى التصويت بنعم على التعديل الدستوري... بينما اعتبرت حركة شباب 20 فبراير التي نظمت تظاهرات حاشدة خلال نهاية الأسبوع في كبرى مدن المغرب للمطالبة بالمزيد من الديمقراطية والحدّ من سلطات الملك وأن الدستور الجديد يعطي سلطات تنفيذية أكبر للحكومة ولكنه يبقي الملك على رأس مجلس الوزراء والجيش والهيئات الدينية والقضائية ومحاربة الفساد، معتبرة" التعديلات غير كافية...
قد يقول البعض ان المغاربة لم يختاروا ملكهم (وهذا حال كل الملكيات في العالم) ولكن لمن لا يعرف ففي المغرب تقوم الملكية على مبايعة للملكية منذ عدّة قرون ومعروف ان الثابت الوحيد في المغرب هو الملكية والعائلة العلوية الشريفة...ومعروف ايضا أن كل حركات الاحتجاج التي عرفها المغرب منذ بداية حركة 20 فبراير كانت كلها تسّلم جدلا بالملكية المغربية كثابتة وطنيةأاساسية... ولكن يبقى سؤال مهم هل حسم المغاربة امر اسلامية الدولة كما هو معروف؟ ام انهم يريدون التفاوض على اسلامية الدولة وامكانية تحويلها الى دولة علمانية؟ اذا كان الامر الاوّل هو الحائز بالتوافق، وهذا هو الواقع، فلا يضيّع احد وقته في الحديث عن الغاء "امارة المؤمنين" لشخص الملك واذا كنا نريدها دولة علمانية فاي علمانية هي؟ وكيف؟ ومتى؟ وما هو مشروعها السياسي؟ وهل 20 فبراير هي التي يمكن أن تضع هكذا مشروع انقلابي على تاريخ المملكة كدولة اسلامية والملك فيها رأس السلطة الدينية لأنه حامي الدولة والوطن والمواطن؟... بطبيعة الحال الخيار الثاني قليل النقاش في المغرب، ولكن لعلّ لخيالنا وتحليلاتنا الحق في الذهاب بعيدا...
وبالعودة لفكرة المقاطعة، فالسؤال المطروح هنا لماذا قررت 20 فبراير ان تقاطع التصويت على الدستور ولم تنزل لقول "لا" في وجه التعديلات الدستورية؟ ... اليس المقاطعة "فعل سلبي" بكل ما للكلمة من معنى؟ وألن يكون وجود نسبة اعلى من 1،5 من الاصوات قالت "لا" كانت ستعطي الحركة قيمة ومكانة شعبية؟ أوليس اكثر من 28 بالمئة من المقاطعة كانت ستعطي معنى لتحركات 20 فبراير والاحزاب الأخرى السابقة والتي عارضت مسودة الدستور؟ ...
بالعودة الى ضخامة الحملة الاعلامية على الطرقات والشوارع والساحات العامة وفي الاعلام المغربي والتي دعمتها الدولة بكل الامكانيات المادية والسلطوية والسياسية ومن داخل البلاط الملكي نفسه والتي أمكن لكل صحافي أن يراها منذ هبوط طائرته في مطار محمد الخامس في الدار البيضاء مرورا بكل شوارع المملكة الأخرى ومدنها وساحاتها ... فانّ أكثر ما يلفت الصحافي في أي تغطية اعلامية لحدث
مهم بحجم الدستور الجديد لدولة ذات وجود سياسي واقتصادي وأمني قوي كالمغرب على الصعيد العربي والأورو- متوسطي والدولي هو ليس التصريحات العادية والبيانات الصحفية التي تصدر عن المعنيين بالحدث أو أطراف الحدث أو ما يظهر من تحليلات على "الساحة الاعلامية" للنقاش حول الحدث وانّما ما خفي وراء الستار أو بالأحرى ما يعرف عنه في عالم الصحافة بأنّه ما يلتقطه الصحافي في الجلسات غير الرسمية من محيطه...
في هذا الاطار لفتني حديثين قصيرين الأول كان مع صديق وهو ناشط حقوقي مغربي وآخر شخصية سياسية مغربية... الأول أجابني حين "مازحته" يوم الاستفتاء وسألته "هل أدّيت واجبك الوطني في التصويت؟" فأجاب هو أيضا "ممازحا": عندما كنت عائدا هذا الصباح من مركز الاقتراع بعد تصويتي ب"نعم" في مدينتي سمعت صوت إمام مسجد المدينة قبل موعد صلاة الجمعة يقول (لا اله الا الله رسول الله) وبمجرد سماعي كلمة "لا" في بداية الآذان الكريد عدت أدراجي الى البيت ولم أدخل المسجد لأنني لم أكن اريد سماع سوى كلمة "نعم" في ذلك اليوم... بطبيعة الحال ليست هذه القصة كفرا ولا هي تهكم على ذلك المؤذن وانمّا ما يهمّ في هذه "الدعابة" هو ما تحمله من دلالات... أولا لو عدنا الى ما تناقلته وسائل الاعلام بكثرة قبل ايام من الاستفتاء حول من رفض بعض الفئات الشعبية لاستغلال رجال الدين لمواقعهم لحشد تأييد كبير للدستور وهو ما انتقدته هذه الفئات معتبرة ان رجال الدين في المغرب "يكيلون بمكيالين" حين "يحرّمون" المساس بصلاحيات الملك الدينية ولا يتقبلون الحديث عن فكرة الحدّ من صلاحيات الملك الدينية في حين انهم يستخدمون منابرهم لتجييش الرأي العام المغربي للتصويت على مسودة الدستور الجديد!... نعم سمع الجميع هذا الكلام في المغرب وكان منتشرا بكثرة في المواقع الالكترونية... وأعرف أن ذلك الناشط كان يقصد انتقاد تلك الآراء واعتبار كلامها غير "منطقي" والدلالة الثانية هي أن الناشط الحقوقي المغربي لم يرد أن يسمع سوى كلمة "نعم" في ذلك اليوم وهو ما اتّهمت الحكومة المغربية بمحاولة تحقيقه من خلال تعبئة الرأي العام معتبرين ان الاعلام الرسمي المغربي (وهو الاقوى داخل المغرب) لم يأتي الا بالقليل من الآراء التي تعارض الدستور الجديد وهي بذلك حاولت قمع اصوات ال "لا"...ولكن هل حصل ذلك فعلا؟... الاجابة هي انه ليس مهمّا ان حصل ذلك او لا بالنسبة لاي متابع للشأن المغربي من خارج أرض المملكة لأن حركة 20 فبراير نفسها وغيرها من الاصوات المعارضة للدستور من داخل المغرب لا تحتاج الى التلفزة المغربية والاذاعة الوطنية والجرائد المكوبة بل لديها فضاء خصب جدا من الاعلام الالكتروني الحرّ لتعبر عن رايها وقد وصلت لكثير من الناس من خلال الفضاء الالكتروني اضافة الى ممثلين عن الحركة ظهروا بكثرة في الاعلام الرسمي المغربي...

ولا زلت أذكر كيف أنّه يوم 20 فبراير 2011 وهو تاريخ بدء الحركات الاحتجاجية في المغرب حول الاصلاح وقد صادف وجودي في الرباط آنذاك ورأيت بنفسي كيف تظاهر المغاربة سلميا وديمقراطيا راعفني شعارين رئيسيين الأول "الملكية والملك محمد السادس ضمانة السلم والأمن والاستقرار والتاريخ المغربي" والثاني "الاصلاح ومحاربة الفساد أولا"... هذين الشعارين يلخصان الكثير من حركات الاحتجاج الشعبية في المغرب منذ 20 فبراير تأثرا بموجة "الربيع العربي" ولكن ما جاء في ما بعد على لسان بعض الجماعات التي أقحمت نفسها في التحركات الاحتجاجية من حديث حول تقليص صلاحية الملك ونزع صفة "إمارة المؤمنين" منه علما ان هذا الكلام ظلّ ساريا لدى البعض حتى بعد ان أعلن الملك مسودة الدستور التي تنازل فيها عن العديد من صلاحياتها وفوّض بعضها للحكومة وقام
بتقوية مركز الوزير الأول ليصبح "رئيسا للحكومة" بفعالية حقيقة وقوية اختلفت عن الصلاحيات السابقة..
وبالعودة للقصة الثانية فقد سمعتها من الصديق السياسي وهو أمازيغي أيضا والذي حين سالته عن الدستور فاتحة" معه نقاشا مستفيضا أحسسني أنني في عالم مثالي اسمه "الدستور الجديد" لا سيّما حين قال ان الملك محمد السادس قد تنازل كثيرا عن سلطاته لصالح الشعب عبر تقليص صلاحياته وحين سالته ان كان راضيا كامازيغي عن الدستور الجديد قال "لا أشعر بالسعادة والراحة النفسية سوى عندما اتلفظ بالامازيغية... أنّها لغة امي وابي واجدادي... واليوم اشعر بان ملك المغرب نفسه "يتكلم الامازيغية" ايضا بعد الاعتراف باللغة الأمازيغية في الدستور الجديد..." وحين استغربت حماسه للدستور الجديد دون وجود أي اعتراضات له عليه في محاولة مني لاستفزازه ومعرفة رأيه، قال "لو كان الحسن الثاني، رحمه الله، حيّا لما حلم المغاربة بدستور جديد كهذا الدستور المطروح للاستفتاء ولا بهذه التعديلات ولا بالوصول لهكذا استفتاء حرّ... ليس في الأمر هجوما على شخص الملك الحسن الثاني هنا ولا سياسته وانّما لكون الأخير، رحمه الله، كان يدرك جيّدا ان مساحة الحريات التي يطلبها الآن الشباب المغاربة في حركة 20 فبراير لا تصون المملكة المغربية بمجرّد اقرارها في دستور جديد وسط وجود أزمات عربية مجاورة لا سيّما ما يحصل في تونس وليبيا وتوتر العلاقات مع الجزائر وضعف جامعة الدول العربية...ولكن فيالمقابل فانّ كل متابع لشخص الملك محمد السادس وسياساته الاصلاحية منذ توليه الحكم عام 2000 خلفا لوالده الحسن الثاني، رحمه الله، يعرف ان محمد السادس أعطى هامشا ما توقعه المغاربة أنفسهم في بداية حكم الملك الشاب حيث عمد الى توسيع نطاق الحريات وتعزيز الديمقراطية والاصلاحات في كافة المجالات داخل المملكة... واليوم ومع التعديلات الدستورية أثبت محمد السادس أنّ خياره المختلف عن والده، ليس بالضرورة ان يكون صحيحا او خاطئا، وانمّا الأهم أنّه كان مماسبا لمرحلة سياسية جديدة في تاريخ المغرب كان يحتاجها الشعب والملك معا... ولعلّ الحكمة التي نستخلصها من هذه المقارنة السريعة هي أن المغرب في أيام الحسن الثاني مرّ بظروف حتّمت ادارته بطريقة مختلفة عن ما يدار بها اليوم في عهد محمد السادس وأكبر الدلائل على ذلك هو تنازلات الملك في ما يخص صلاحياته وفصل السلطات في الدستور الجديد...
خطر في بالي بعد حديثي مع الصديق السياسي سؤال ولو بدى غريبا للبعض ولكنه سؤال مشروع في هذه المرحلة من تاريخ المغرب: ماذا كان سيحصل في المغرب بعد احتجاجات 20 فبراير لو كان الحسن الثاني حيّا؟ أين كانت 20 فبراير اليوم؟ والسؤال الاهم كيف كان المغرب سيتاثر بالربيع العربي لو كان الحسن الثاني حيّا؟.. يصعب الجواب والتكهنّ هنا ولكن ما بات مؤكدا ان محمد السادس وهو الحاضر اليوم قد خلق نموذجا فريدا من نوعه في نقل تاريخ دولة عربية مهمة كالمملكة المغربية الى مرحلة اصلاح وتغيير كبرى مع اقرار الدستور الجديد... وعلّني أجيب سؤالي بسؤال آخر ولكن لن تضيع معه التحليلات بل ستتوّضح أكثر: لو كان الحسن الثاني حيّا هل كان لهكذا معادلة ان تحصل بان تشغل 20 فبراير المواقع الاكترونية والاعلام العربي والمغربي والدولي لأربعة أشهر لتعود بعدها ونرى 72 بالمئة اقبالا على الدستور و98 بالمئة من المقترعين يجيبون "نعم على الدستور؟... ولكن محمد السادس أراد للشعب المغربي ومعه العربي أن يرى بيعينيه كيف يمكن لقائد دولة أن يرى ما سيحصل في المستقبل ولكن لايمانه بلعبة الديمقراطية قد يترك مجالا واسعا للشعب ليمارس اللعبة بنفسه ويخاطر قليلا حفاظا على حقهم في حرية الرأي والتعبير... نعم خاطرت 20 فبراير بالشعب المغربي
حين قالت أنها تمثل رأي الشارع المغربي ومعها حتما الاحزاب المعارضة الأخرى للدستور...فكيف اعتبرت نفسها عينة ممثلة للشعب وبعدها نرى اقبال 72 بالمئة من المغاربة على التصويت والنتيجة 98 بالمئة قالت "نعم" حاسمة؟... ولكن لتستفيد الحركة ويستفيد الجميع من هذا الدرس ولتراجع الاصوات التي تتحدث عن صلاحيات الملك الدينية آراءها...
جرى التصويت على الدستور في الأول من يوليو 2011 في ظروف عادية وسليمة وكان الإقبال كثيفاً من طرف فئة النساء والشباب بشكل خاص في حين أجمعت العديد من وسائل الاعلام أن الفتور كان واضحاً صبيحة يوم الاستفتاء في العديد من مكاتب التصويت لكنه تحول إلى نوع من الحماس والتعبئة الشخصية والذاتية بين المواطنين خاصة في الأحياء الشعبية في فترة ما بعد الظهر...علما ان ما ميّز هذا الاستفتاء أيضاً هو المشاركة الأولى من نوعها للجالية المغربية في الخارج، حيث أتيحت لهم الفرصة للتعبير عن آرائهم بخصوص الدستور الجديد، لمدة ثلاثة أيام تمتد إلى يوم الأحد المقبل...
بدى كل شي هادئ في المغرب من ساعات الصباح الاولى للاستفتاء وحتى أن العاصمة الرباط بدأت هادئة كثيرا عشية الاستفتاء... وحتى ما بعد اعلان النتائج الاولية حاولت السير في شوارع الرباط في تلك الليلة سيّما بعد تصريحات خالد الناصري والطيب الشرقاوي علّني ارى شيئا من ما قد يجعلني اتوقع مرحلة ما بعد النتيجة لكنني رأيت "لا شيئا" واضحا...كل شي صامت وحتى الاعلام المغربي مازال يعيش على امجاد انتصار نتيجة استفتاء الامس!... ولكن مع ذلك كله لن يكون لاي حركة او حزب او تجمع مغربي اي رد فعل معارض للنتيجة او داعي للاحتجاج قبل الاستماع الى خطاب محمد السادس يوم الاحد او الاثنين المقبل حول نتيجة الاستفتاء لانهالملك لن يقرأ فقط نتيجة الاستفتاء قراءة سياسية بل قراءة مصيرية سيحدّد فيها مسار المغرب في مرحلة ما بعد الاستفتاء...
المطلوب الآن أمرين ثالثهما لم يحن بعد، الاول انتظار النتيجة النهائية لإحصاء الأصوات المغربية في الداخل والخارج وثانيها انتظار خطاب الملك محمد السادس وثالها وهوسيتبع الخطاب مباشرة هو اعادة حسابات المعارضة المغربية للدستور باعتبارها غير كافية والانطلاق في الورشة القائمة والتي بدات بتعديلات الدستور ومن ثمّ على المغاربة مع بضهم البعض ان يفكروا في الورشات الاصلاحية الاكبر بعد استكمال الخطوات الاولى...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.