اختتمت اليوم الجمعة بمراكش أشغال الدورة الثانية للندوة العلمية المغربية الاسبانية في مجال الأمن ، وذلك بإصدار مجموعة من التوصيات الهادفة الى تعزيز التعاون الثنائي في المجال الأمني، خاصة محاربة التطرف المؤدي الى ظاهرة الارهاب. واتفق المشاركون في هذه الندوة التي نظمت على مدى يومين حول موضوع " التطرف الظلامي وسبل مواجهته .. تحديات الانتاج المشترك للأمن"، على أهمية تنظيم اجتماعات سنوية للجنة الاستراتيجية التي يترأسها المديران العامان للأمن بالمغرب واسبانيا. تجدر الاشارة الى أن اللجنة الأمنية الاستراتيجية تأسست في شهر نونبر 2013 بقرطبة ( جنوباسبانيا)، بمبادرة من المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة للشرطة الاسبانية. وهمت هذه التوصيات، التي تم تقديمها بحضور المدير العام للأمن الوطني السيد بوشعيب ارميل والمدير العام للشرطة الاسبانية السيد إينياسيو كوسيدو، أيضا، الدعوة الى احداث لجنة لتتبع تنفيذ التوصيات المصادق عليها من قبل اللجنة الاستراتيجية، بالإضافة الى انشاء لجن فرعية تقنية في مختلف ميادين التعاون بين الطرفين. وحسب الوثيقة النهائية لهذا اللقاء، فيتعلق الأمر باللجنة الفرعية المكلفة بمحاربة الارهاب والتطرف وتبادل المعلومات والخبرات في هذا المجال، واللجنة الفرعية للتكوين وتبادل الممارسات الجيدة، فضلا عن اللجنة الفرعية الثالثة المخصصة لمكافحة الجريمة المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة. كما أوصى الخبراء السامون المغاربة والاسبان، بإعداد مخطط عمل ثنائي برسم سنة 2014 في مجال التكوين والمساعدة التقنية، مطالبين بالعمل على خلق دينامية في قنوات التواصل بين المصالح الامنية للبلدين من اجل تبادل المعلومات ذات الطابع العملي والاستراتيجي. وأكد المدير العام للأمن الوطني السيد بوشعيب أرميل ، في تدخل له خلال الجلسة الختامية لهذه الندوة، العزم على تنفيذ التوصيات الصادرة عن هذا اللقاء، خدمة للتعاون الأمني الثنائي، خاصة في ميدان محاربة التطرف باعتباره المحرض على العنف والارهاب. وقال إن مواجهة والحد من نشاط الشبكات ومنابع التطرف المضادة للقيم الانسانية الكونية للسلم والتسامح، تعتبر قضية عابرة للحدود الوطنية وتستدعي تعاونا دوليا مدعما، ومتعدد الأشكال حتى يتم تفادي التهديدات الارهابية. وأوضح السيد أرميل أن هذا اللقاء ساهم في توسيع آفاق التعاون الثنائي، واعطائه إضافة نوعية من شأنها ضمان إيقاع متواصل لتقاسم الخبرات بين البلدين في مكافحة التطرف وممارساته الماكرة في التجنيد والتلقين. وأكد المدير العام للأمن الوطني أن جهود الطرفين تلتقي في نفس الاتجاه مع هدف مشترك لضمان الامن والاستقرار للبلدين، والطمأنينة للشعبين، من خلال عزيمة قوية في مكافحة التطرف كيفما كان دعاته. ومن جهته، نوه المدير العام للشرطة الاسبانية السيد إينياسيو كوسيدو بالنجاح الذي لقيته هذه الندوة التي جمعت خبراء البلدين، والتي توجت بنتائج " تجاوزت الانتظارات " في مجال التعاون الامني الثنائي . كما نوه بهذه المناسبة، بالتزام المغرب في محاربة الارهاب الدولي. وقال " التطرف يعتبر خطرا قائما بالنسبة لشعوبنا، وهو المدخل للعنف والارهاب. ومن المهم محاربته في الاطار الصارم للقانون وتشريعاتنا الخاصة بكل بلد. إننا واثقون بجودة والتزام التعاون مع شركائنا المغاربة". واشار الى أن " المحاربة الناجعة للتطرف وتهديداته تستدعي الاحاطة وفهم اسباب هذا الداء. وعلى هذا الصعيد، نعتمد كثيرا على مساعدة شركائنا المغاربة" . وأوضح أن هذه الندوة تعكس الإرادة المشتركة لتوسيع التعاون الثنائي في مكافحة التطرف، وأن التوصيات التي تمخضت عن هذا اللقاء من شأنها إعطاء نجاعة أكثر في محاربة التطرف والتهديد الارهابي. وتندرج هذه الندوة المنظمة بمبادرة من المديرية العامة للأمن الوطني ، في سياق تدعيم آليات التعاون الأمني المغربي الاسباني ، وتشخيص المخاطر الأمنية الراهنة ، واستشراف التحديات الاجرامية المستقبلية، فضلا عن تبادل الخبرات والتجارب بين الجانبين بشأن واحدة من القضايا ذات الاهتمام الأمني المشترك والمتمثلة في مواجهة التطرف المفرز لظاهرة الارهاب. وتم خلال هذه الندوة العلمية تقديم مجموعة من العروض والمداخلات من اعداد خبراء أمنيين مغاربة واسبان، تناولت التطرف سواء في صفوف الشباب أو في أوساط الجاليات الوطنية بالخارج، ومجالات التقاطع بين التطرف الظلامي واستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، فضلا عن استعراض الممارسات السليمة في مجال مكافحة التطرف ومناهضته سواء في الفضاءات العامة أو داخل المؤسسات السجنية ، مع ابراز الاجابات المؤسساتية التي توفرها المملكة المغربية لمواجهة التطرف بمختلف أنواعه وأشكاله. ويأتي تنظيم هذه الندوة في اطار تفعيل توصيات اللجنة الأمنية الاستراتيجية المحدثة بين المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة للشرطة الوطنية الاسبانية، والمعلن عنها في نونبر المنصرم بمدينة قرطبة باسبانيا، والتي من مهامها تحديد أولويات عمل الأجهزة الأمنية في كلا البلدين، واتخاذ وتقييم الاجراءات اللازمة لتنفيذ الخطوط الاستراتيجية للتعاون الثنائي في المجال الأمني. وانعقدت هذه الندوة العلمية الثانية بمراكش في أعقاب الندوة المغربية الاسبانية الأولى حول الأمن ، التي احتضنتها مدينة قرطبة أواخر شهر نونبر من السنة الماضية ، حول موضوع "تحديات جديدة .. مزيدا من التعاون"، والتي اتفق فيها الوفد المغربي والاسباني على معالم الرؤية الاستراتيجية للتعاون الثنائي، وحدد خلالها أيضا المجالات ذات الأولوية في التنسيق الأمني المشترك بين الجانبين. وتجدر الإشارة الى أن هذه الندوات العلمية المشتركة بين الشرطة المغربية ونظيرتها الاسبانية هي آلية جديدة من شأنها تعزيز آليات التعاون الأمني القائم بين الجانبين، خاصة وأن المديرية العامة للأمن الوطني سبق لها أن أبرمت اتفاق تعاون مع المديرية العامة للشرطة الوطنية الاسبانية في أبريل 2013 لتنظيم التعاون الثنائي في مجال مكافحة الهجرة غير المشروعة، كما يعمل الطرفان معا في اطار المفوضيات الأمنية المشتركة بميناء طنجة المتوسط وميناء الجزيرة الخضراء ، بالاضافة الى الاتفاقيات الثنائية بين البلدين في مجال التعاون الأمني.