حلت حرب الارقام بدل المواجهات بين انصار الدستور المغربي الجديد ومعارضيه، وتجاوزت البلاد ما كان سائدا من اجواء توتر ومواجهات عرفتها منذ يوم 19 حزيران/يونيو الماضي اساءت كثيرا وكادت ان تبدد صورة ايجابية رسمتها التحولات السياسية والدستورية بالبلاد. وخرج عشرات الالاف من المغاربة في عشرات المدن المغربية اول امس الاحد باتجاهين مختلفين لكن دون احتكاك بينهما واكتفى كل اتجاه برفع اليافطات وترديد الشعارات التي تعبر عن موقفه مؤيدا او رافضا لمشروع دستور يشكل تقدما ملموسا يصوت عليه المغاربة يوم الجمعة القادم. وقالت وكالة الانباء المغربية ان اكثر من مليون مغربي خرجوا بدعوة من منظمات المجتمع المدني عشية الأحد في مسيرات وتظاهرات مؤيدة لمشروع الدستور وسجل اكبر عدد من المشاركين ب300 ألف بمدينة الدارالبيضاء، متبوعة بمدينة مراكش ب55 ألفا، وتطوان وآسفي (45 ألفا بكل منهما)، وفاس (42 ألفا) وطنجة (35 ألفا). واهم ما سجل بالدارالبيضاء تظاهرة أتباع الزاوية القادرية البودشيشية، وهي كبرى الطرق الصوفية في المغرب، الذي فسر بانه رد على جماعة العدل والإحسان شبه المحظورة والتي تقول السلطات انها هيمنت على حركة 20 فبراير الشبابية والمؤطرة للاحتجاجات بالمغرب. وقالت وكالة الانباء المغربية إن المتظاهرين من أتباع الزاوية القادرية البودشيشية، رددوا خلال مسيرتهم شعارات المساندة لمشروع الدستور الجديد الا ان بعض المقربين من السلطة انتقدوا هذه التظاهرة وحشد اتباع الطرق الصوفية الاخرى باعتبارها، كالزج بخطباء الجمعة للترويج للدستور الجديد، تدخل في استخدام الدين لاهداف سياسية وهو ما يخدم التيارات الاصولية المغربية. وقال عبد الصمد غازي عضو اللجنة التنظيمية وعضو الزاوية القادرية البودشيشية، 'لقد خرجنا اليوم في هذه المسيرة من أجل التعبير الروحي والوطني الصادق الداعم للتصويت بنعم على مشروع الدستور الجديد للمملكة'، وأوضح أن عشرات الآلاف من أتباع الطريقة القادرية البودشيشية قدموا من مختلف أرجاء البلاد ومن مدن أوروبية للمشاركة في هذه المسيرة التي التحق بها آلاف من سكان مدينة الدارالبيضاء. واعتبرت حركة 20 فبراير التي تقود تظاهرات المطالبة باصلاحات دستورية وسياسية واقتصادية واجتماعية وتطالب بمحاربة الفساد واقتصاد الريع والجمع بين السلطة والمال انه حققت ملحمة وطنية في التظاهرات التي نظمتها اول امس الاحد بمدينة طنجة وقدرت عدد المشاركين ب 150 ألف متظاهر. وقال موقع 'هسبريس' ان 'ملحمة حقيقية تلك التي سجلتها مسيرة سكان مدينة طنجة في مسيرة 26 حزيران/يونيو المناهضة للاستفتاء الدستوري إذ فاقت الأعداد الهائلة التي تدفقت على ساحة التغيير توقعات أكثر المهتمين تفاؤلا، ويبدو أن الحملات التعبوية المكثفة والمسيرات اليومية داخل الأحياء الشعبية التي قام بها نشطاء حركة 20 فبراير طيلة أيام الأسبوع قد أتت أكلها واستطاعت في المحصلة حشد عشرات الآلاف في مسيرة جماهيرية ضخمة حطمت كل الأرقام القياسية السابقة.' وردد متظاهرو طنجة شعارات تدعو الى مقاطعة الدستور منها 'عاش الشعب' و'يا رجال يا نساء قاطعوا الاستفتاء' و'بالماء والشطابة لدستور العصابة'، و'الاستفتاء مسرحية والله متعملا عليّ'، 'قولو لا ثم لا لدستور المهزلة' مرددين قبل اختتام مسيرتهم قسم الوفاء لدم شهداء الحركة والمقاطعة حيث رفع الجميع يده اليمنى ليردد 'أقسم بالله العلي العظيم أن لا أخون دماء الشهداء، و أن لا أصوت في الاستفتاء'. وقالت نفس المصادر ان عشرات ممن احضروا للمشاركة في التظاهرات المؤيدة للدستور التحقوا بالتظاهرات المعارضة وعمد شبان إلى حرق أقمصة داعمة للدستور حصلوا عليها. وانتقد النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، محمد نجيب بوليف، تدخل وزارة الداخلية لتوجيه المسيرات المؤيدة للدستور بمدينة طنجة واعلن انسحاب حزبه من المسيرة التي تدعو للتصويت لصالح الدستور. وقال بوليف إن حزبه قرر الانسحاب من تلك المسيرة لأن وزارة الداخلية تدخلت وغيرت الاتجاه الذي كانت ستمر منه تلك المسيرة بدون استشارة المشاركين فيها. وإن حزبه يرفض تدخل وزارة الداخلية لتملي عليه مواقفه، وحفاظا على استقلاليته قرر الانسحاب من تلك المسيرة. وفي الناظوربشمال البلاد برر عدد من الملتحقين الجدد بحركة 20 فبراير حاملين للأعلام المغربية ضمن المسيرة تحت شعار 'مَا مْفَاكِينْشْ وْعْلى الدستور ما مصوتينش'.. وقال عدد من هؤلاء أنهم قرروا مساندة الحركة ردّا على ما أسموه 'أسلوب الدولة في الترويج لمشروع الدستور المعدل'. الا ان المبادرة الشبابية للقضاء على الفساد والاستبداد المعروفة اختصارا ب'باركااا' واحدى مكونات 20 فبراير دعت للتصويت ب'نعم' على مشروع الدستور معتبرة المشروع مقبولا ً في عموميته وان كان لا يرقى بالنظام السياسي في المغرب إلى مستوى نظام الملكية البرلمانية المطَالب به شعبيا، مُحمّلة المسؤولية لمن وصفتهم بالأحزاب السياسية والقوى الاجتماعية المعتبرة في عدم النضال والمرافعة من أجل تحقيق مطلب الملكية البرلمانية. الاستثناء الوحيد الذي كاد ان يؤدي الى مواجهات كان مدينة الرباط حيث التحق شبان مؤيدون للدستور بساحة باب الحد التي حددتها حركة 20 فبراير كنقطة انطلاق لمسيرتها قبل ساعة من موعد انطلاق مسيرة 20 فبراير مزودين بالاعلام المغربية وصور الملك محمد السادس وترتدون أقمصة وقبعات تحمل عبارات نعم للدستور. وحضرت الشرطة المغربية حضرت بقوة في عين المكان لمراقبة مجريات الأوضاع، ومنعت أي عملية تقارب أو احتكاك بين الفريقين عبر إقامة أحزمة بشرية من القوات الأمنية لتجنب أي تصادم بين الجانبين الا انها لم تخل من تبادل الاتهامات وعبارات التقليل من شأن الفريق الاخر في صراع على أرض الاحتجاج من قبل الجانبين. وقال موقع جماعة العدل والاحسان انه بعد انطلاق المسيرة السلمية التي شارك بها ممثلو جماعة العدل والإحسان، النهج الديمقراطي، حزب الطليعة، حزب المؤتمر الاتحادي، حزب الأمة، حزب الاشتراكي الموحد، حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والجمعية المغربية لحقوق الإنسان. بدقائق تمت محاصرتها من قبل قوات الأمن من جهة والبلطجبة من جهة أخرى مما دفع بالحركة إلى اتخاذ قرار تغيير مسار المسيرة رافعين شعارات مدوية: أولاد الشعب قمعتوهم والبلطجة خلصتوهم، هذا عيب هذا عار التظاهر محاصر والتظاهر في خطر، الجماهير شوفي مزيان حقوق الإنسان. وفي رد على تعنت السلطات المخزنية دعى المحتجون إلى اعتصام مفتوح حتى يفك الحصار المخزني والبلطجي.