مصطفى الخلفي وزير الإعلام المغربي يقدم المخرجة فريدة بليزيد قبل عرض فيلم «حدود وحدود» في عرض خاص جذب جمهورا واسعا قدمت المخرجة المغربية فريدة بليزيد فيلمها الجديد «حدود وحدود»، الذي تنقل من خلاله صورة من عمق الواقع الاجتماعي للأقاليم الصحراوية المغربية. وقدم الفيلم عرضه ما قبل الأول في سينما «النهضة» في الرباط مساء أول من أمس (الأربعاء)، بدعم من وزارة الاتصال، وبحضور شخصيات سياسية وفكرية وفنية، وجمع من المؤرخين والنقاد والصحافيين.
يمزج «حدود وحدود» بين سينما الواقع والعمل التوثيقي، فهو يعتمد على سيناريو متكامل الأبعاد، ببطلته الإسبانية «مواتي» القادمة من بلادها المستعمرة السابقة للمنطقة، وهي تحمل تصورات وأفكارا كثيرة ومتداخلة حول الصحراء، تراكمت لديها من خلال زيارتها السابقة لمخيمات تندوف الواقعة في جنوب غربي الجزائر. وعبر رحلتها الطويلة بين مختلف المدن والمناطق الصحراوية تبدأ شيئا فشيئا في اكتشاف الحقائق على الأرض.. وذلك من خلال الناس والأشياء والحياة.
وشهد العرض حضورا لافتا للمتحدرين من الأقاليم الصحراوية، وللأجانب المقيمين في الرباط، خصوصا من الإسبان والفرنسيين، الذين تابعوا باهتمام مجريات الفيلم الذي يقدم صورة عن قرب للأقاليم الصحراوية المغربية، ويركز على تفاصيل يتجاوزها كثيرون، عبر كاميرا تجولت في مختلف النقاط، تعكس الواقع كما هو، من دون رتوش، ولكن أيضا من دون المس بالبعد الفني والسينمائي للعمل، الذي يشارك فيه ممثلون وسينمائيون وفنيون من المغرب وإسبانيا.
يتناول الفيلم قضية الصحراء من منظورين، محلي وأجنبي، ومن خلالهما يكتسب المشاهد معلومات وحقائق ليست ذات بعد سياسي بالضرورة، بل إنها في الغالب تحمل صورة أخرى للصحراء، تركز على ما هو ثقافي واجتماعي وتاريخي، في المنطقة التي تستحق المغامرة من بطلة الفيلم الإسبانية «مواتي» التي تقوم بدورها الممثلة رومينا سانشيز، إلى جانب إسماعيل أبو القناطر ومحمد مروان.
يقرب «حدود وحدود» المشاهد من أعماق الصحراء بكل ما تحمل من ذخائر قد تبدو متناقضة، لكنها تعكس جمالية التنوع البيئي والطبيعي، وكذلك التنوع على مستوى الإنسان والثقافة والعادات الاجتماعية، والتراث المادي واللامادي.
ولا يلتزم الفيلم بلغة واحدة، فبطلته تتحدث الفرنسية والإسبانية والإنجليزية، وتصادف هنا وهناك أشخاصا يتحدثون إحدى هذه اللغات أو اللغة العربية، وفي ذلك إيحاء بالتعدد اللغوي لدى سكان المنطقة التي تعاقبت دول أوروبية كثيرة على احتلالها أو احتلال أجزاء منها.
طيلة ساعتين ونصف الساعة هي مدة فيلم «حدود وحدود» كانت هناك كاميرتان تتجولان مع المشاهد، إحداهما كاميرا الفيلم، والأخرى تحملها «مواتي» التي جاءت إلى الصحراء لتصوير فيلم وثائقي، ومن خلال المقابلات التي تجريها والمشاهد التي تصورها تبدأ رويدا رويدا في اكتشاف كنه الصحراء، برفقة زميلها المغربي «لحماد» الذي يتجاوز دوره عمل الدليل الميداني، إلى جزء من آلية الاكتشاف التي ساعدت «مواتي» على الغوص في عوالم أخرى تعكس أبعادا جمالية في الصحراء، التي «توحي دائما بفضاء خالٍ وغير مأهول»، كما كانت تتصور قبل خوض غمار التجربة.
ولا يخلو الفيلم من رسائل سياسية، لكنها تمر عبر المتحدثين في المقابلات التي تجريها البطلة «مواتي» ضمن فيلمها الوثائقي، وهم من أعيان الصحراء ومن الباحثين والناشطين الصحراويين. رسائل تتحدث عن تفريق «الحدود المصطنعة» بين العائلات، وكيف ظلت الصحراء متعلقة بالمغرب عبر القرون، من خلال علاقات روحية وثقافية وسياسية.
أيضا يقدم الفيلم توثيقا لمرحلة المقاومة في المنطقة، ولتاريخها الثقافي من خلال المتاحف والزوايا، والفن الحساني المستوحى من الثقافة العربية الحسانية السائدة في الصحراء. ولا يفوت على البطلة وهي توثق الواقع والتاريخ المعاصر للمنطقة أن تلفت إلى التعايش والتسامح، من خلال المواطنين الإسبان الذين ما زالوا يقيمون في الصحراء، والكنيسة الكاثوليكية الكبيرة في مدينة العيون، التي حافظ عليها المغرب ورعاها.
وقالت المخرجة بليزيد، مخاطبة الجمهور قبل بدء العرض، إن الفيلم التزم بالمعايير الفنية التوثيقية المعروفة، ويقدم صورة الفتاة الإسبانية التي تأتي إلى الصحراء بمجموعة من الأفكار الخاطئة، ولكنها تفاجأ حين ترى حياة الناس، وما تعكسه من حالة قائمة، لا توافق ما هو سائد في مخيلات بعض المراقبين من خارج البلاد.