مُتابعة : عبد الرحيم القاسمي تشهدُ دولة جمهورية إفريقيا الوسطى أحداثاً درامية أدت إلى نُزوح ما يزيد عن مليون شخص،بحسب منظمات دولية، وهو ما يشكل خُمس عدد سكانها فراراً من المعارك المُستعرة بين المسيحيين والمسلمين. ويشكل المسلمون 15% من سكان إفريقيا الوسطى ، بينما تبلغ نسبة المسيحيين حوالي 50% ، أما بقية السكان فإنها تدين بما تسمى "ديانات محلية"،وقد ظل الحكم في إفريقيا الوسطى منذ استقلالها في يد الغالبية المسيحية ،حيث يعتبر "جوتوديا" أول رئيس مسلم للبلاد. ولا غرو فقد بدأت دول إفريقية إجلاء مواطنيها منذ يوم الأحد المُنصرم ، من جمهورية "الماس" و "الذهب" وسط تدهور الأوضاع الإنسانية وأعمال العنف الطائفية ،حيث استأجرت حكومة مالي رحلتين جويتين لإجلاء نحو 500 من مواطنيها، بينما عاد 150 من مواطني النيجر إلى العاصمة نيامي،في حين أعادت السينغال أكثر من 200 من مواطنيها الأسبوع الماضي بحسب وسائل إعلام دولية. واضطرت دولة تشاد ترحيل نحو 12 ألفا من مواطنيها في الأيام الأخيرة على متن رحلات جوية عاجلة وقوافل برية ، وهي العملية الأكبر من نوعها لحد الساعة ،على اعتبار أن مواطني تشاد تم استهدافهم بشكل مباشر من جانب السكان المحليين الذين يتهمون القوات التشادية بدعم "متمردي حركة سيليكا". وكيفما كان الحال ،ففي ظل هذا المناخ الذي يعمُّه العنف والخوف على المصير،تعمل أفراد القوات المُسلحة الملكية المغربية بتفانٍ ونُكرانٍ للذات في صمت من أجل الدفاع عن القيم الإنسانية المثلى الذي يُعد من تقاليد المغرب الحضارية العريقة. وقد عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن "امتنانه" للمغرب على عمله الحثيث من أجل استقرار جمهورية إفريقيا الوسطى ،وقال في تقرير وجَّهه أمس إلى مجلس الأمن الدولي : "أريد أن أعبر عن امتناني للشركاء الثنائيين ، والمنظمات الإقليمية والمتعددة الأطراف ، خصوصا الاتحاد الإفريقي ، والمجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا ، والاتحاد الأوروبي ، وفرنسا والمغرب والبلدان التي أرسلت جنودها لتعزيز صفوف القوات الإفريقية المشتركة (ميسكا) ،على العمل القيم الذي تقوم به من أجل استقرار جمهورية إفريقيا الوسطى". يُذكر أنه تنفيذاً لقرار الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية ،واستجابة لنداء منظمة الأممالمتحدة ،أرسلت المملكة المغربية تجريدة من القوات المسلحة الملكية والتي تم نشرها بجمهورية إفريقيا الوسطى. وكان جلالة الملك محمد السادس القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية قد خاطب في رسالة سامية أفراد التجريدة العسكرية المغربية المتوجهة الى العاصمة جاء فيها أن "هذه الخطوة التي تقوم بها المملكة المغربية تأتي تلبية لنداء واجب التضامن الدولي وايمانا بالمساعي الحميدة التي تبذلها الاممالمتحدة للحفاظ على السلم والأمن في العالم". يُشار أخيراً الى أن المملكة المغربية أرسلت العديد من التجريدات العسكرية ذات المهامات المختلفة لكثير من بلدان العالم في إطار حفظ وبناء السلم العالمي أو في إطار عمليات إنسانية ،وقد أشادت الاممالمتحدة في كثير من المُناسبات بمساهمات المملكة المغربية الكبيرة مُنوِّهة بأفراد القوات المُسلحة الملكية.