سبق وأشرنا في مقالنا السابق حول " الاحترام كعملة مفقودة" بين المواطنين وأصحاب القرار السياسي في دولة تقوم على تبادل الاعتمادات بين أشخاص ضد مصلحة عموم الناس، يعتبرون رعايا، والأحسن قطيع غنم، يجعل الديمقراطية وهم ووسيلة تقتلنا. فالديمقراطية كما قرأنا في بعض الكتب " هي شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة - إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين - في اقتراح، وتطوير، واستحداث القوانين، وهي تشمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي" غير أن التعريف الذي وجدناه ينطبق مع الممارسة السياسية الحالية يفيد كون الديمقراطية " مراقبة الأخر والتضييق على عمله بكل الوسائل التي توفرها الدولة". والحال كذلك، لا يمكننا أن نتحدث عن الديمقراطية، في بلد برجوازيته غير وطنية، والمدخل الحقيقي للثقافة الديمقراطية هو تقوية الوطنية والتضامن بين الفقراء والأغنياء في تغييب تام للصراع الطبقي، بذلك تكون اختياراتنا موضوعية وتلقائية وبالتالي ديمقراطية وشفافة. الديمقراطية ليست إجراء تقني يقاس بأغلبية الكراسي بل ممارسة ثقافية وعملية فكرية نابعة من قناعات راسخة لدى المواطن. الديمقراطية هي إختيار استراتيجي لأفكار وأشخاص يتولون أمور أمة، وعندما تتحول إلى موضوع صراع سياسي، كما هو واقعنا في المغرب حيث يعيش ملايين المواطنين على وهم الإصلاح المؤسساتي والقانوني وحلم التنمية البشرية المستدامة، فلن تكون الديمقراطية غير جريمة منظمة من أجل كسب شرعية إعادة إنتاج نفس الواقع، نفس النظام، نفس القانون بحظوظ أضعف. ومن العبث الحديث عن ديمقراطية تمثيلية أو تشاركية ونحن نتراجع على مستوى مؤشرات النمو، رغم المنح الخليجية والأوربية لدعم التنمية البشرية، وإتساع هوة الفساد وضيق عيش مواطن لا زال يحلم مند الاستعمار بوطن شعبي ديمقراطي، يتلقى الجميع التطبيب بدون شروط، يتعلم الجميع بدون استثناء، يشتغل الجميع دون تمييز، نستفيد بشكل عادل من ثروات ترابنا وخيرات بحارنا ونحيا مع بعضنا ولأجل بعضنا، ذلكم وطننا الديمقراطي.