في ظل المد والجزر الذي تشهده العلاقات السياسية بين المغرب والجزائر منذ أكثر من أربعة عقود بسبب قضية الصحراء المغربية ، يطرح المراقبون باستمرار تساؤلات حول عدم انعكاس ذلك التوتر على علاقات البلدين الأمنية المتميزة بالاستقرار. ويصف العارفون بالشأن المغاربي هذا الأمر بأنه "طبيعي جدا" في ظل وجود "خطوط حمراء" في علاقات التوتر تلك لا تشمل الجانب الأمني، لاعتبارات إقليمية ودولية حاسمة. ويعزز هذا الطرح -إضافة إلى اللقاءات والاجتماعات الرسمية بين مسؤولي السياسة الأمنية في البلدين- مواقف ميدانية تشكل أدلة ثابتة على أن خلافاتهما السياسية خصوصا الأخيرة منها، مثل استدعاء المغرب لسفيره من الجزائر واحتجاج الجزائر على إنزال علمها في القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء، علاوة على الحرب الإعلامية، لا تمس هذا الجانب. ولا تخرج بعض الحوادث المتفرقة المندرجة في النطاق الأمني عن احترام هذه المعادلة، حيث تناقلت على سبيل المثال مؤخرا تقارير صحفية مغربية أن السلطات الأمنية المغربية اعتقلت شخصا ذكرت أنه ضابط جزائري تسلل إلى الأراضي المغربية وطلب اللجوء السياسي في المغرب، لكن الرباط قامت -حسب تلك المصادر- بتسليمه إلى السلطات الجزائرية. تفاهمات أمنية وبدورها ذكرت تقارير صحفية جزائرية أن التوتر السياسي بين البلدين يظل "بعيدا عن عمل لجان أمنية متخصصة بعضها يأتي في إطار تفاهمات أمنية دولية تلتزم بها الجزائر والمغرب، أهمها الاتفاقات الأمنية مع دول جنوب غرب أوروبا والاتفاقات الأمنية في إطار مجموعة 5+5، والاتفاقات الأمنية مع الولاياتالمتحدة". وأشارت التقارير في هذا الصدد إلى أن العمل الأمني بين البلدين يركز على ثلاثة ملفات رئيسية، أولها "ملاحقة الخلايا التي تعمل على تجنيد سلفيين جهاديين للقتال في سوريا"، والثاني يتعلق "بلجان ارتباط أمنية جزائرية مغربية مشتركة في مجال الأمن البحري لمنع عمليات التسلل والإرهاب والتهريب البحري في إطار التنسيق مع دول جنوب أوروبا". أما الثالث -تضيف التقارير الإعلامية الجزائرية- فهو التنسيق الخاص "بمصالح القوات الجوية الجزائرية والمغربية في إطار اتفاقيات مكافحة الإرهاب الجوي لضبط أمن الأجواء وحماية سلامة الملاحة الجوية والطيران التجاري العالمي في الطرق الجوية التي تخترق البلدين". وكانت تقارير إعلامية أميركية ذكرت أن واشنطن وباريس مارستا ضغوطهما لإبعاد أي احتمال لتأثير التوتر السياسي بين المغرب والجزائر على الأجندة الأمنية الدولية في المنطقة، خاصة في ظل عدم الاستقرار الإقليمي، وجهود محاربة الإرهاب في منطقة الساحل، والتهديدات القائمة بسبب تزايد تجنيد مقاتلين في الأزمة السورية.