يغلي قطاع التعليم بالمغرب على صفيح ساخن في الاونة الأخيرة بعد الخطاب الملكي الأخير و الذي انتقد بشدة منظومة التربية و التكوين في بلدنا و مدى الفشل الذريع الذي يتخبط فيه هذا القطاع الحساس في المملكة. الخطاب حمل في طياته العديد من الرسائل و التأويلات،فلم يكتف فقط بانتقاد عمل وزارة السيد محمد الوفا و تقاعسه الشديد في ترميم المنظومة و تفعيل خطة الإنقاذ للنسق التربوي التعليمي المغربي المسماة المخطط الإستعجالي، الذي يروم إلى إصلاح القطاع و التي كبدت خزينة المملكة أموالا طائلة،بل تجاوز الكلام إلى تفضيل ما أنجزته الحكومة السابقة بقيادة الإستقلالي عباس الفاسي من نجاحات و إصلاحات في جميع القطاعات و الميادين لا سيما قطاع التعليم تحت وصاية الوزير أنذاك أحمد أخشيشن.فبعد هذا الخطاب الملكي توجهت أصابع الإتهام من الصحافة و الإعلام و السلطة و الشارع إلى وزارة محمد الوفا بعتباره المسؤول الوحيد عن هذا الفشل في قطاع من أهم القطاعات في البلد. الغريب من هذا كله هو أننا لمنا فقط عنصرا واحدا في مسألة هذا الفشل و اعتبرناه السبب الوحيد في من جعل التعليم في الحضيض،في حين أن التعليم كقطاع و منظومة شاملة يشمل و يرتبط بكل القطاعات الأخرى،فإذا أردنا أن نلوم السيد الوزير محمد الوفا و نحمله المسؤلية العضمى فعلينا أيضا أن نلوم السيد لحسن الداودي وزير التعليم العالي،لأن التعليم ليس فقط في حدود المرحلة الثانوية بل إلى مرحلة الجامعة و الدراسات العلي و لأن الفشل أيضا حاضر في الجامعات المغربية المكتضة بمئات الاف الطلبة و بالأصابع المعدودة من الأساتذة و الأحياء الجامعية القليلة ناهيك عن النظام الدراسي المتردي في مدرجاتها و عن مدى التكوين المعتمد بها. أن نلوم السيد عبد الواحد سوهيل وزير التشغيل و التكوين المهني لأنه يقود قطاعا حساسا مرتبط بقوة بقطاع التعليم و كذلك نلوم عن على الإكتضاض و قلة الشعب في بعض المعاهد في مدن شتى مما يدفع التلاميذ إلى السفر إلى مدن أخرى متعبين بتكاليف السفر و العيش و أن نلومه عن الأفواج المتخرجة بالآلاف و التي لم تجد عمل يلائم شواهدها و هو الوصي بقطاع الشغل. أن نلوم السيد نزار بركة وزير الاقتصاد و المالية الذي يخصص ميزانيات بئيسة للقطاع التعليم،ميزانيات تكفي لتسديد أجور الموظفين و علب التباشير،في حين أن هناك العشرات من الدواوير التي لم تشيد فيها مدرسة و مناطق لم تبنى فيه إعداديات و لا ثانويات مما يساهم في الرفع من نسبة الهدر المدرسي نظرا إلى بعد المسافة بين الدواوير و المؤسسات التعليمية. أن نلوم السيد مصطفى الخلفي وزير الإتصال الذي لم يشدد الخناق على وسائل الإعلام للتقريب معانات الناس في البوادي و القرى الجبيلة و تلتقط عدسات كاميرته صورا لحال المدارس المترذية و عن معانات مرتاديها الذين يجتازون الكيلومترات من الجبال و الأودية للوصول اليها،في حين أن هته الكاميرات بالمقابل تكون حاضرة بقوة داخل كباريهات و فنادق البلد و تأتينا بصور جميلة من المعاهد الفرنسية و الإسبانية و تشير إلينا بكتاباتها البارزة في أسفل الصورة أن هذا حال التعليم بالمغرب. أن نلوم السيد عبد العزيز الرباح و زير التجهيز و النقل الذي يتقاعس في تعبيد الطرق و المسالك إلى المدارس و المؤسسات التعليمية في البوادي ليخفف من حمل و معانات المعلمين و الأساتذة و الأطفال للالتحاق بها،في المقابل لا يتوانى في تجهيز المسالك و الممرات المزهوة بالورود للوصول إلى الوزارات و السفارات. أن نلوم السيد محند العنصر وزير الداخلية الذي يتهاون في حماية المؤسسات التعليمية من أشكال الإنحراف و الإدمان و من أشكال القتلة و مروجو المخدرات،فالعديد من الأباء و الأمهات يجبرون أبنائهم و بناتهم على مقاطعة الدراسة لماذا لأن المدرسة أو الإعدادية أو الثانوية توجد في حي مليء بالقتلة و اللصوص و المغتصبين و مروجو المخدرات الذين يجعلون من الإغتصاب و التحرش و القتل و السرقة طقوسا يومية،في المقابل السيد الوزير لا يبخل في إرسال قواته الأمنية و رجاله للحراسة فنانة أو مدخل ملهى ليلي. أن نلوم السيدة بسيمة الحقاوي وزيرة التنمية الإجتماعية و الأسرة و التضامن لتخادلها في مساعدة الأسر و العائلات الفقيرة في تعليم أبنائهن و السهر على أن يلجوا الفصل الدراسي و أن تمدهم بمساعدات مادية و معنوية تخفف من حدة أعباء هته العائلات في تسديد تكاليف دراسة أبنائهم من كتب و لوازم و أيضا بناء الأقسام الداخلية و دور الطالبة للفتيات. أن نلوم السيد محمد أمين الصبيحي وزير الثقافة لأنه لم يرسخ في أذهان أطفالنا ثقافة القرائة و التعلم و الإبداع و لم يدرس لوزرائنا ثقافة حب الوطن و ثقافة التضحية من أجل تعليم شعبه. يجب أن نلوم أباء و أمهات الشارع المغربي لأنهم لا يعيرون لطفلهم عناية في تعلمه و دراسته و لا يواكبونه في مسيرته الدراسية للتصحيح مكامن الخلل و تقوية نقاط تفوقه و يكتفون فقط بتلك الورقة الصفراء التي تأتي في أخر السنة عن طريق البريد محملين ابنهم مسؤولية فشله.
مسؤولية هذا الفشل و هذا التراجع في تعليمنا نتحمل مسؤوليته جميعا و ليس فقط في الوزارة المعنية بالقطاع أو الشخص الذي يقود هته الوزارة.فالنهوض بالتعليم في بلدنا و الدفع بعجلته نحو الامام ليس البحث عن المسؤول أو الجهة المسؤولة لأن لكل منا نصيبه في هذا الفعل،لكن بالعمل و تجاوز هذا الفشل و تصحيح مكامن الخلل فيه و إزالة عيوبه و العمل على بحث حلول و وسائل و خطط ناجعة و أيضا الإستفادة من تجارب الأخرين.