دعا المشاركون في لقاء نظم، مساء أمس الأربعاء، بمراكش، إلى التعجيل بإخراج معاهد تكوين المحامين والموثقين وكافة مكونات أسرة العدالة إلى حيز الوجود حتى تضطلع بدورها في الإشراف على التكوين الأساسي والتخصصي. وأوصى المشاركون خلال هذا اللقاء، الذي نظمته الودادية الحسنية للقضاة حول موضوع "دور التكوين في إصلاح منظومة العدالة"، بوضع خطة استراتيجية شاملة بتصور عام للتكوين القضائي بالمغرب يأخذ بعين الاعتبار أولويات المرحلة واحتياجاتها وتوفر له كافة الإمكانيات المادية واللوجيستيكية. وأكدوا على أهمية تطبيق نظام التقييم والمراقبة لتقييم فعالية برامج التكوين القضائي حتى يتسنى معرفة مدى مساهمتها في تحسين الأداء القضائي وتحقيق النجاعة القضائية، فضلا عن العمل على تتبع القاضي بعد تعيينه بالمحكمة من خلال التكوين المستمر عبر ندوات وطنية ومحلية ذات الصلة بالشأن القضائي للرفع من جودة الأحكام القضائية. كما طالبوا بإعادة النظر في الشروط المطلوبة في المرشحين للالتحاق بالقضاء، وذلك بمراجعة انتقائهم وقبولهم بالمعهد العالي للقضاء وتحديد مدة التكوين وبرامجه وطريقة إدماج المتخرجين في سلك القضاء، وكذا تفعيل دور المسؤولين القضائيين في تأطير القاضي الجديد من حيث الأخلاق المهنية والتكوين العملي لمساعدته على ضبط تقنيات تحرير الأحكام وتمكنه من صنعة وفقه القضاء. وشددوا، من جانب آخر، على ضرورة وضع المعهد العالي للقضاء تحت إشراف السلطة القضائية وتمكينها من الاستقلال المالي والإداري من أجل الارتقاء به إلى مؤسسة علمية حديثة منفتحة وقادرة على الاضطلاع بالأدوار المنوطة بها. ودعا المتدخلون، أيضا، إلى خلق شراكات حقيقية مع كليات الحقوق لكي يتمكن طلبة الماستر من الاطلاع بالملموس على تجربة المحاكم وكتابة الضبط وتأهليهم لفتح مسارات علمية واضحة وتنمية آفاقهم المستقبلية. وتناول هذا اللقاء، الذي نظم بشراكة مع ماستر التوثيق والعقار بكلية الحقوق بمراكش ومجلة سلسلة الاجتهاد القضائي، ثلاثة محاور همت "دور التكوين في تطوير الاجتهاد القضائي" و"تحديث التكوين كمدخل لإصلاح منظومة العدالة" و"تساؤلات أولية حول واقع التكوين القضائي وآفاقه". وأشار الكاتب العام للودادية الحسنية للقضاة السيد عبد العزيز وقيدي إلى أن هذا اللقاء ينبع من الإحساس الكبير بالمسؤولية ومن الإرادة الراسخة للمساهمة في الورش الإصلاحي لمنظومة العدالة، مبرزا أن قاضي الألفية الثالثة يواجه تحديات عدة ومتسارعة فضلا عن ظهور مفاهيم جديدة وجرائم تقنية معقدة تتطلب منه مواكبة مستمرة ومتلاحقة لكل المستجدات التشريعية وتكوين متجدد تحقيقا للأمن القضائي. من جهته، اعتبر رئيس الودادية الحسنية للقضاة السيد عبد الحق العياسي أنه في ظل الطفرة الدستورية التي تعرفها المملكة أضحى التكوين القضائي يحتم القيام بعدد من الإصلاحات من أجل التنزيل السليم لمضامين الدستور الجديد حتى يتمتع القضاء بسلطة مستقلة قادرة على حماية الحقوق والحريات وممارستها في إطار دولة الحق والقانون، والمساهمة في تعزيز المسار الديمقراطي. من جانبه، أبرز المدير المسؤول عن مجلة "سلسلة الاجتهاد القضائي" السيد إبراهيم صادوق أهمية التكوين في منظومة الإصلاح، وذلك بالنظر للتحولات التي يعرفها المجتمع الدولي، والتي تفرض لزاما على القاضي والمحامي والباحث وباقي مكونات أسرة العدالة مسايرة تلك المتغيرات والمستجدات حتى يكون كل واحد من موقعه مؤهلا لأن يكون في مستوى مواجهة التحديات. بدوره، أكد رئيس ماستر التوثيق والعقار بكلية الحقوق بمراكش السيد جمال النعيمي أن موضوع التكوين يكتسي أهمية كبيرة بالنظر لكونه يعتبر مناطا للإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، مضيفا أن هذه الأهمية تبرز جليا من خلال الأحكام القضائية التي تدعم حقوق المواطنين المكفولة دستوريا وهو ما يستدعي، على حد قوله، توسيع المدارك الفكرية والآفاق الثقافية للقضاة وتأهليهم لمواجهة التحديات التنموية والمتغيرات الدولية وتكريس دولة الحق والمؤسسات. أما منسق لجنة الشباب بالودادية الحسنية للقضاة السيد محمد الخضراوي فأكد أن إرساء قضاء قوي ومستقل قادر على حماية حقوق وحريات الأفراد يتطلب تكوينا جيدا عبر وضع خطة استراتيجية برؤية واضحة وآليات محددة وأهداف مسطرة داخل حيز زمني محدد وبميزانية كافية من خلال مقاربة تشاركية تبدأ من الجامعة والدولة بصفة عامة والجمعيات المهنية، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن الفعالية في ظل غياب الإمكانيات الكفيلة بتحقيق ذلك، فضلا عن غياب معايير لتقييم مسار التكوين. وتم خلال هذا اللقاء، الذي عرف مشاركة نخبة من كافة مكونات أسرة العدالة، توزيع جوائز رمزية تشجيعية على مجموعة من طلبة ماستر التوثيق والعقار المتفوقين.