لطالما كان لاري كوفل، الذي يتصف بأنه طويل وممشوق القامة، رجلا نشيطا. ظل يعمل بصورة منتظمة واختار ممارسة لعبة كرة السلة في إحدى صالات الألعاب الرياضية. ولكن تقدمه في السن كان له تأثير بالسلب على مفاصله، وأصبح واضحا أنه في حاجة إلى جراحة لاستبدال مفصل الورك. يسترجع كوفل قائلا: «لقد ضقت ذرعا، إذ إنني إذا قمت بأي مجهود، حتى مجرد نهوضي من المقعد، أشعر كما لو أن عضلاتي تتمزق وتنسلخ عن عظامي». يشعر كوفل (63 عاما) الذي يعمل مراقبا ماليا في مقاطعة رونوك بولاية فيرجينيا الأميركية، بأن خضوعه لجراحة استبدال مفصل الورك بصورة تقليدية يعني المرور بفترة تعاف طويلة ومؤلمة. وبدلا من ذلك، اقترح طبيبه إجراء طبيا شائعا في جميع أنحاء البلاد، وهو عملية جراحية يؤكد كثير من الجراحين أنها تساعد المرضى على التعافي بسرعة أكبر. اندهش كوفل بالنتائج بعد إجراء العملية قائلا: «عدت إلى العمل في الأسبوع الثاني من إجراء العملية، وبحلول الأسبوع الرابع، كنت أؤدي التمارين على العجلة الثابتة في النادي الرياضي». وبعد ذلك بعام، كان يقوم بركوب الدراجات ورفع الأثقال، ولعب كرة المضرب. يقول: «لا أشعر مطلقا أنني خضعت لعملية جراحية». * جراحة جديدة * تسمى الجراحة التي خضع لها كوفل «عملية استبدال مفصل الورك الأمامية» (Anterior hip replacement).. يقوم الجراح بعمل شق في الجزء الأمامي من الفخذ بدلا من شق الأرداف أو جانبي الورك. وتسمح هذه الطريقة للطبيب بالوصول إلى تجويف الورك دون أي اختراق لمجموعات العضلات الرئيسية. ويؤكد مؤيدو هذه الطريقة على أن نتائج الجراحة تعد أقل ألما وأقل في المضاعفات من جراحة استبدال مفصل الورك العادية. وقال الدكتور جوزيف موسكال رئيس جراحة تقويم العظام بمعهد «كاريليون تك» للطب والأبحاث في جامعة فرجينيا، الذي قام بإجراء العملية الجراحية لكوفل: «نحن نرى المزيد والمزيد من البيانات حول تعافي المرضى بشكل أسرع، والتوقف تماما عن استخدام العكاز والقيام بالمشي بسرعة، العودة إلى المشية العادية بصورة أسرع». وقد استخدم الجراحون طريقة الجراحة الأمامية لاستبدال مفصل الورك في الحالات الحرجة منذ عدة عقود. ظهرت جراحة استبدال مفصل الورك الأمامية في الولاياتالمتحدة منذ نحو عشرة أعوام، وسرعان ما اكتسبت الجراحة شعبية تدريجيا، ولا أحد يعرف كم عدد الجراحين الذين يستخدمون طريقة الجراحة الأمامية حاليا، ولكن أظهرت دراسة استقصائية غير رسمية في اجتماع عقد مؤخرا للمتخصصين في مجال جراحة الورك والركبة أن ما يصل إلى 20 في المائة من الجراحين يستخدمون الآن جراحة استبدال مفصل الورك الأمامية. وأكد موسكال أن «قلة من الجراحين» هم من قاموا بهذه الجراحة في عام 2005. ويتم إجراء أكثر من 400 ألف جراحة لاستبدال مفصل الورك بشكل كلي وجزئي كل عام في الولاياتالمتحدة، وبالتالي فإن تغيير أسلوب الجراحة سيؤثر في نهاية المطاف على الملايين من المواطنين الأميركيين. ويوضح مؤيدو هذه الطريقة أيضا أنه نظرا لأنه لا يتم المساس بالعضلات أثناء العملية الجراحية، لا يحتاج المرضى للحد من تحركاتهم خلال فترة النقاهة. وقال الدكتور روبن غويتيا، جراح العظام في كلية الطب في مدينة هيوستن: «يمكنك الانحناء والنزول إلى الطابق الأسفل، ويمكنك تربيع ساقيك بعد إجرائك جراحة استبدال مفصل الورك الأمامية، بينما يجب أن تكون حذرا من الإقدام على فعل هذه الأشياء في حالة الجراحة الخلفية لفترة من الوقت؛ لأنها يمكن أن تخلخل الورك». يقول أيضا الجراحون الذين يلجأون لطريقة الجراحة الأمامية إنها تسهل عليهم استخدام التنظير (fluoroscopy)، وهي تقنية الأشعة السينية التي تسمح للأطباء بالكشف عن المواقع داخل الجسم وبزرع الورك الصناعي بصورة دقيقة. وهذا بدوره قد يسمح للورك الصناعي بالبقاء كما هو لفترة أطول. أكد الدكتور فرنسيس غونزاليس، جراح العظام وأستاذ مساعد سريري في كلية الطب في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، أن نسبة خطورة حدوث تورم أو خلخلة في المفصل الصناعي ضئيلة نظرا لأنه لا يتم المساس بمجموعات العضلات الرئيسية في الورك. وتصل نسبة خلخلة مفصل الورك في التقنيات الجراحية التقليدية إلى واحد في المائة، بينما تفيد الدراسات الأولية بأن نسبة الخلخلة في أعقاب الجراحة الأمامية تكون أقل من المعدل السابق بنحو الثلث. * عملية صعبة * تعتبر معظم التقارير التي تتحدث عن فوائد الجراحة الأمامية نوعا من قصص الجراحين، وتستند إلى التجارب التي مروا بها. ولم يتم القيام بأي دراسات عشوائية لمقارنة نتائج الجراحة الأمامية بالطرق الجراحية الأخرى. ولا شك أن هناك سلبيات ما. غالبا ما يستغرق إجراء جراحة استبدال مفصل الورك الأمامية وقتا أطول، ويمكن أن تؤدي إلى فقدان كمية أكبر من الدم. كما يخضع بعض المرضى لتخدير مؤقت في الفخذ بعد إجراء العملية. ونظرا لأن العملية الجراحية صعبة التنفيذ، فإن هناك صعوبات كبيرة أمام تعلم الأطباء لها، وهو ما يفسر جزئيا لماذا لم يتم تدريسها على نطاق واسع مثل الطرق الجراحية الأخرى المتبعة في كليات الطب. وقد تم تصميم جداول تشغيل خاصة لتسهيل إجراء العملية الجراحية، ولكن الكثير من المراكز الطبية لا تملك مثل هذه الجداول. ولقد سارع حتى الجراحون الذين أجروا الجراحة الأمامية إلى القول إنها «عملية ذات تدخل جراحي أقل»، وهو المصطلح الذي يستخدم غالبا في الترويج للمواد التسويقية. وقال الدكتور غويتيا: «يمكننا أن نوظف أيا من هذه الطرق الجراحية من خلال شق صغير، ولكن هذا أشبه بإقحام سفينة داخل زجاجة. فإذا ما رأيت جراحة استبدال مفصل الورك، فستدرك أنها ليست بمثابة جراحة أنسجة عادية. علينا أن نقوم بجهد كبير في تقطيع العظام، بالإضافة إلى استخدامنا للكثير من الأجهزة الطبية». ورغم ارتفاع نسبة التأييد لجراحة استبدال مفصل الورك الأمامية، فإن كثيرا من جراحي العظام ليسوا على قناعة تامة بأنها تقدم مزايا هامة عن الطرق الجراحية التقليدية. قال الدكتور كيفن بوزيك، أستاذ ونائب رئيس قسم جراحة العظام في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو: «يمكننا أن نؤكد حسب البيانات، أن العملية الجراحية الأمامية لا تمثل أهمية قصوى في التعافي حسبما يفيد بروتوكول إدارة الألم، وبروتوكول إعادة التأهيل، إلى جانب ما تشير إليه آلام المريض الأساسية وحالة وظائف جسمه». وقال في نهاية المطاف إنه تبقى مهارة الجراح وخبرته أهم العوامل في إنجاح العملية الجراحية. ويقوم الأطباء بمئات العمليات الجراحية لاستبدال مفصل الورك سنويا، وعادة ما يكون معدل مضاعفاتها ضئيلا للغاية، بغض النظر عن الطرق الجراحية التي يفضلونها. وقال بوزيك: «يشعر معظم الجراحين بالارتياح تجاه استخدام طريقة جراحية بعينها يتقنونها مع مرور الوقت، فأنت بالتأكيد لا تريد الذهاب إلى طبيب جراح تدرب على الجراحة الخلفية وفي نفس الوقت يجزم بأنه على دراية بالجراحة الأمامية». إذن ما نصيحته؟ «ما عليك سوى البحث عن طبيب جراح متمرس وفريق طبي تثق فيه وتشعر بالراحة تجاهه، واترك المسائل التقنية لهم في النهاية».