تعريف الإبادة الجماعية : الإبادة هي القتل المتعمد الجماعي لمجموعة كاملة من الأشخاص، وهي من ضمن الجرائم ضد الإنسانية،أما الإبادة الجماعية فيمكن تعريفها بأنها الفظاعات التي ترتكب أثناء العدوان، على أساس عرقي أو ديني، وقد ظهر مصطلح الإبادة الجماعية عام 1944 على يد المحامي اليهودي رافائيل ليمكين، وابتدعه بقصد توصيف السياسات النازية ل"القتل المنظم" الذي طال اليهود في أوروبا حينها، ولجأ إلى وصفه عبر الجمع بين كلمة "جينو" (-geno) اليونانية التي تعني سلالة أو عرقا أو قبيلة، مع كلمة "سايد" (cide-) اللاتنية التي تعني القتل.*1* أما التعريف القانوني فيعتبر قرار الأممالمتحدة الصادر بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول 1946 أن الإبادة الجماعية هي "ارتكاب أي عمل من الأعمال الآتية بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية، لجماعة ما على أساس القومية أو العرق أو الجنس أو الدين"، مثل:*2* • قتل أعضاء الجماعة. • إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة. • إلحاق الأضرار بالأوضاع المعيشية للجماعة بشكل متعمد بهدف التدمير الفعلي للجماعة كليا أو جزئيا. • فرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة. • نقل الأطفال بالإكراه من جماعة إلى أخرى. اتفاقية الأبادة الجماعية : اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة نص اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في 9 / كانون الأول ديسمبر .1948 وبعد الحصول على التصديقات العشرين اللازمة وفقاَ للمادة الثالثة عشرة، بدأ سريان الاتفاقية في 12 / كانون الثاني يناير 1951،وتشير أحكامها إلى مايلي : 1- الديباجة إلى قرارالجمعية العامة 96 (د- 1) وتؤآد أن "الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي تتعارض مع روح الأممالمتحدة وأهدافها ويدينها العالم المتمدن". وهي تعلن أن الإبادة الجماعية قد ألحقت، في جميع عصورالتاريخ، خسائر جسيمة بالإنسانية، وأن تحريرالبشرية من هذه الآفة البغيضة يتطلب التعاون الدولي"*3* 2- المادة الأولى توضيحاَ هاما،َ ألا وهو أن الإبادة الجماعية يمكن ارتكابها "في أيام السلم أو أثناء الحرب"، فميّزتها عن الجرائم ضد الانسانية التي ظلت إمكانية ارتكابها في حالة عدم وجود نزاع مسلح موضعاً للشك عام .1948 وتقوم المادة أيضا بالربط بين المنع والعقاب. 3- المادة الثانية وهو الحكم الذي يكمن في صلب الاتفاقية. وتُعرّف الإبادة الجماعية بأنها التدمير المقصود الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عرقية أو عنصرية أو دينية. وتنص المادة الثانية على خمسة أعمال للإبادة الجماعية تستوجب العقاب كما أشرنا اليها سابقا . 4- المادة الثالثة قائمة بأربع فئات إضافية لجريمة الإبادة الجماعية، بالإضافة إلى الارتكاب الفعلي لتلك الجريمة. وتندرج ضمنيا إحدى هذه الفئات، وهي التواطؤ، في مفهوم الارتكاب وهي مستمدة من المبادئ العامة للقانون الجنائي. والفئات الثلاث الأخرى هي الجنايات غير المكتملة أوالمضمرة، وهي بالفعل أفعال تمهيدية تم ارتكابها حتى لو لم تحدث الإبادة الجماعية في حد ذاتها.*4* 5- المادة الرابعة على رؤساء الدول وغيرهم من الشخصيات السياسية الرئيسية الحق في الدفع بالصفة الرسمية. وتقتضي المادة الخامسة على الدول أن تسنّ تشريعاً يكون من شأنه أن يحدث أثراً في قوانينها لأحكام الاتفاقية ولكفالة التنصيص على جزاءات فعّالة. 6- المواد الاخرى تتحدث عن الاطراف المتعاقدة والتزاماتهم وكيفية تسليم مجرمي الحرب بالاضافة الى كيفية سحب الاعتراف . مما سبق نستنتج أن اتفاقية الابادة بالرغم مع أنها لا تنشئ الية رصد ،وتقتصر على أحكام محكمتها الخاصة (المحكمة الجنائية الدولية )فإنها على الأقل تحدد لنا تعريفا شاملا عن الإبادة الجماعية وأشكالها . تطبيق الاتفاقية على جرائم الإبادة الجماعية بقطاع غزة : في 29 دجنبر 2023 قدمت جنوب افريقيا طلبا لإقامة دعوى ضد دولة إسرائيل فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة في قطاع غزة بموجب اتفاقية منع جريمة الابادة الجماعية والمعاقبة عليها ،وقد أكدت المذكرة ان اسرائيل بموجب بنوذ الاتفاقية (المادة 2 و3 4 و5 و6 .)ارتكبت أفعال وتدابير ساهمت في قتل الفلسطينيين وفي فرض ظروف معيشية على جماعتهم سهمت في تدميرهم كليا او جزئيا ،ولم تحترم بنوذ الاتفاقية السالفة الذكر .*5* وقد سعت دولة جنوب أفريقيا تقديم العديد من خلال إدانتها وتقديم القرائنالمنسوبة الى اسرائيل الى إتباث المادة 36 من الفقرة 1 من النظام الأساسي للمحمكمة والمادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية ،وقد أكدت المذكرة أن اسرائيل يجب عليها ان تكف عن جميع الأفعال التي تدخل في نطاق المادة الثانية وعلى وجه الخصوص : - قتل أعضاء المجموعة *6* - التسبب في ضرر جسدي أو عقلي خطير لأعضاء المجموعة - تعمد فرض ظروف معيشية على المجموعة بهدف تدميرها الجسدي كلياً أو جزئيا - فرض تدابير تهدف إلى منع الولادات داخل المجموعة - نقل أطفال المجموعة قسرا ًإلى مجموعة أخرى - فرض تدابير تهدف الى منع الولادات داخل المجموعة - الطرد والتهجير القسري من منازلهم - الحرمان من الحصول على الغذاء والماء الكافي - الحصول على المساعدة الإنسانية بما في ذلك على الوقوذ الكافي والمأوى والملابس والنظافة الصحيحة والصرف الصحي - الإمدادات والمساعدة الصحية - تدمير حياة الفلسطينيين في قطاع غزة انطلاقا مما سبق نخلص إلى الخلاصات التالية : الخلاصة الاولى : أن هذا القرر أعاد الاعتبار ولو بشكل بسيط للقانون الدولي الانساني الذي انتهك قوانينه وأعراضه بشكل بشع من طرف الاحتلال الاسرائيلي ،هذا الكيان الذي يتذرع بالدفاع عن النفس ،حيث أنه منذ سيطرة حركة حماس على القطاع في سنة 2007 وحصاره يستمر وتوالى موجات العدوان والحرب واسرائيل تستخدم شعار الدفاع عن النفس . الخلاصة الثانية : أن دولة جنوب إفريقيا أبانت عن موقف شجاع لم تستطع أي دولة في العالم أن تفعل مثله ،هدا الموقف الذي واجه منطق القوة الذي تريد إسرائيل فرضه في عدوانها المتواصل على الفلسطينيين ،حيث أن المذكرة الافتتاحية تبين بشكل واضح ارتكاب مجازر الإبادة الجماعية في قطاع غزة :كل هذا يظهر للعالم بشكل يومي بشاعة هاته الحرب التي أكدها وكلاء أمميين والتي حركت كل المدن عبر العالم ضد دولة الكيان الصهيوني إبحيث عمت المظاهرات وعقدت العديد من الاجتماعات الاممية والدولية . الخلاصة الثالثة : بالرغم مع أن قضاة المحكمة الجنائية الدولية مؤمنون من خلال ما يشاهده العالم وكذلك ججية المذكرة التي تقدمت بها دولة جنوب افريقيا بجرائم الابادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة ،إلا أن قرار المحكمة بالطلب من إسرائيل إثبات ما نسب إليها وموافاتها بتقرير مفصل ،كل هذا يبين للعالم أن أحكام المحكمة الجنائية الدولية تتحكم فيها جماغات ظاغطة تدعم اللوبي الصهيوني وجرائمه الجهنمية ضد الإنسانية . لائحة المراجع والهوامش : 1- انظر تقرير مركز الجزيرة "الإبادة الجماعية من المغول إلى إسرائيل "بتاريخ 26/12/2023 2- نفسه 3- نفسه 4- للمزيد من المعلومات انظر" اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" بقلم ويليم أ. شاباس أستاذ القانون الدولي، جامعة أيرلندا القومية، غالواي مدير المركزالأيرلندي لحقوق الإنسان. 5- نفسه 6- انظر" نص قرار تطبيق اتفاقية المنع والعقاب بجريمةالإبادة الجماعية في قطاع غزة" بتاريخ 26 يناير 2024