لن أتحدث عن الأرقام، فذلك من اختصاص الجرائد المغربية الناطقة بالفرنسية. لا سوف أتحدث عن بعض الملاحظات حول هذا القانون. لكن قبل هذا اسمحوا لي أن أتحدث عن شيء يبدو لي مهما. في بلدنا كل ما له علاقة بالاقتصاد، فهو من اختصاصهم، لا العامة. انظروا مثلا إلى الحضور الباهت "للبرلمانيين" خلال جلسة مناقشة تقديم قانون المالية، لأنهم يعرفون أن كل ما يتعلق بالاقتصاد والمال والأعمال فله جهة الاختصاص. لن أطول في هذا المقام. فما بالك بالمواطن العادي؟ هو يدري وأنا أدري. كل ما يهمه هو الزيادة المرتقبة "لبوطة الغاز". صدر بلاغ يتحدث عن أربعة محاور رئيسة لقانون المالية المقبل. سأتحدث عن بعضها، وللمهتمين أقول أن هناك بعض الأساتذة الجامعيين يتطرقون بالتفاصيل لقانون المالية. لا أخفي عليكم أنني واحد من قرائهم. الأول هو "تنزيل برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز". هنا سأتحدث عن شيئين، عن زلزال الحسيمة والريف وعن زلزال الحوز. قبل 2004، كانت منطقة الريف معروفة سوى بالتجارة في المخدرات، وكان المواطن العادي بمختلف مدن وقرى المغرب يتخيل أن سكان الريف يعيشون في الرفاهية. فجاء زلزال الريف، ففضح كل شيء، وخاصة القناة الثانية المغربية، و"ربورطاجها" يوم الزلزال بإمزورن حيث حاول بعض السكان إنقاذ حياة البعض الآخر بوسائل بدائية. مع زلزال الحوز لسنة 2023، تحدث البعض عن فقر المنطقة المدقع، وهذا ما يتبين في الإحصائيات الرسمية. إلا، أننا سمعنا من بعد عن مناجم الذهب وغيرها في هذه المنطقة. ومن ذلك الوقت، لا الحكومة تحدثت عما وقع بهذه المناجم يوم الزلزال، ولم تكمل المعارضة البرلمانية وغيرها تحليلاتها. هناك صمت رهيب حول هذا الموضوع. المحور الثاني هو "تأهيل الحقل الاجتماعي" (حتى لا أطيل الكلام عن القارئ، فالمحاور الأربعة موجودة بالإنترنت). هنا سأتحدث عن الزيادة الأخيرة "للسميك" و"السماك". هنا لا بد من القول إن الزيادات في الأجور شبه منعدمة منذ زمن بعيد، ليس في هذا القانون فقط. يكفي هذه النقطة للحديث عن كون جميع القوانين مهمتها ليس "الدولة الاجتماعية" بل "التوازنات المالية". فيما يتعلق بالزيادات والمساواة في الأجور بين الرجال والنساء، يحدثنا موقع "lesglorieuses.fr" عن أن النساء في أوربا، سيشغلن "فابور"، ابتداء من 06 نوفمبر إلى غاية 31 دجنبر2023. أما في المغرب فهن يشتغلن "فابور" منذ زمان. المحور الثالث يتعلق "بتنزيل الإصلاحات الهيكلية". هنا يتحدثون عن إصلاح العدالة، عن تنزيل ميثاق الاستثمار وإصلاحات في ميادين الفلاحة والسياحة والإدارة إلخ... أقف عند شيء مهم جدا، هذه الإصلاحات شأن داخلي أم مملاة من الخارج. أعرف كما تعرفون أيها القراء، إن قانون المالية للسنوات السابقة قرر بواسطة خبراء البنك الدولي، الذين يأتون كل مرة ويطالبون التقارير والأرقام من، خاصة، وزارة المالية. فقانون المالية يعكف عليه البعض من ذوي "الاختصاص"، وفي الحقيقة لا اختصاص لهم. لا أتحدث عن الأطر والكفاءات الموجودة في كل الوزارات وخاصة وزارة المالية. النقطة الرابعة والأخيرة، تتعلق ب «تعزيز استدامة وتوازن المالية العمومية". هنا يتعلق الأمر بالإصلاح الضريبي، وضمنه "الدستور المالي" الذي يحدد تنفيذ القوانين المالية والتعديلات عليها وتقديم الحسابات المالية لكل سنة. لأنه كما يعرف الجميع فقانون المالية هو أشياء محتملة (يمكن أن تقع أو لا تقع)، من نمو للدخل الوطني، للسنة الفلاحية ولنسبة ثمن البترول والغاز. ألا يبدو أن هذه النقطة كان من الممكن أن تدخل في النقطة السابقة. وفي الأخير لا بد أن أركز على نقطة مهمة في مناقشة التقارير المالية، ألا وهي غياب الحوار والنقاش الهادئ، لأنه هناك خبراء حقيقيين من اليمين ومن اليسار يمكنهم مناقشة تفاصيل القانون المالي واقتراح تعديلات جوهرية عليه. السبب في ذلك هو غياب حرية التعبير والرأي.