يبدو أن "ملف القبايل" يعد سببا، من ضمن أسباب أخرى، المُغذية للخلاف الجزائري-الفرنسي، لاسيما وأن باريس تحتضن نشطاء وقادة هذا التنظيم، ضمنهم الزعيم "فرحات مهني". ووفق ما أوردته صحيفة "مغرب أنتلجنس"، فإنه "كلما حاولت سلطات البلدين الشروع في تعميق تعاونهما الأمني؛ يُطرح موضوع حارق على الطاولة من قبل المحاورين الجزائريين، ويثير سخط نظرائهم الفرنسيين الذين لا يفهمون سبب إثارة هذا الملف كثيرًا؛ المتعلق ب"ملف القبايل" على وجه التحديد. وزاد المصدر عينه أن "النظام الجزائري يخشى، أكثر من أي وقت مضى، من توسع هذا المجتمع وهيكليته الاقتصادية، التي تسمح له بالحصول على عدد كبير من اليوروهات، التي يرغب النظام الجزائري في السيطرة عليها، ثم استخدامها لمنفعة عدة مناطق في منطقة القبائل". "لكن؛ لماذا كل هذه المخاوف من الجانب الجزائري"؟.. تتساءل الصحيفة عينها قبل أن تجيب أن "فرنسا تحتضن نشطاء ومتعاطفين مع حركة استقلال القبايل MAK". ووفق أحدث التقارير الأمنية، يشير المصدر، فإن "فرنسا هي موطن أكثر من 1300 لجنة قروية يقودها أعضاء من مجتمع القبائل. كما تضم هذه اللجان في قواعد بيانات أعضائها ما يقرب من 1.1 مليون شخص من أصول قبايلية". "وبفضل قوة التعبئة هذه، تجمع هذه اللجان عشرات الملايين من اليورو كل عام على شكل مساهمات يدفعها الأعضاء شهريًا، ثم تصل هذه المبالغ المحصلة في فرنسا إلى أبعد القرى في منطقة القبائل، قصد تمويل مختلف الخدمات العامة والبنى التحتية الأساسية"، يشرح الصحيفة السالف ذكرها. وبالتالي، يضيف المصدر عينه، "يتم تعويض أوجه القصور لدى السلطات الجزائرية التي تهمش القبايل وترفض تولي احتياجاتها الحيوية من حيث التنمية الاجتماعية والاقتصادية". وزاد: "أصبحت أموال القبايليين في فرنسا، التي لم يتمكن أحد من تحديد معالمها بدقة، مصدرًا حيويًا لبقاء واستدامة منطقة القبايل، خاصة وأن العديد من المناطق المحرومة من المال العام ما تزال صامدة"، لافتا إلى أن "كل لجنة قروية منتشرة على الأراضي الفرنسية تتمتع بوضع جمعية يحكمها القانون الفرنسي". الصحيفة ذاتها استطردت أن "هذه الجمعيات تحافظ على علاقات عميقة وحتى ممتازة مع السلطات الفرنسية، مشيرة إلى أن مجتمع القبائل قد تغلغل في المستويات العليا للإدارة الفرنسية". وبالتالي، يضيف مغرب أنتلجنس، ف"هذا المجتمع يعد من بين أكثر أعضائه نشاطا من ضباط الشرطة وموظفي الخدمة المدنية في المحافظات والمسؤولين المنتخبين في البلديات، وكذلك المصرفيين دون أن نسيان رواد الأعمال". "وهكذا أصبح مجتمع القبايل واحدًا من أكثر المجتمعات نفوذاً وثراءً في فرنسا بفضل انضباطه وصرامته"، يقول المصدر قبل أن يورد أنه "بدأت هذه القوة في ترويع النظام الجزائري، الذي يحاول إقناع محاوريه الفرنسيين بأن الدعاية الانفصالية ل MAK تستمد قوتها أيضًا من الهياكل النقابية القبايلية في فرنسا". وفي المحصلة؛ ختم المصدر السالف ذكره أن "التعذر الجزائري لا ينطلي على فرنسا؛ إذ لا أحد يريد أن يشكك في إنجازات مجتمع القبايل، الذي يتم الاستشهاد به كمثال من حيث الاندماج في قيم الجمهورية".