المغرب الذي نريد بدأت معالمه تظهر للعيان ، حيث شخصيات سياسية ، أو بالاحرى انتهازية حرمت المواطنين الذين وضعوا فيهم ثقتهم لثمثيلهم والدفاع عن مصالحهم أمام الحكومة ، فاٍذا بهم يخونون الامانة ويحرمون الساكنة من التنمية لعقود عديدة . لا حديث في المغرب الحبيب اٍلا على النائب البرلماني ورئيس جماعة مدينة الفقيه بن صالح الواقعة وسط المغرب السيد محمد موبديع والذي أقرت المحكمة بالدار البيضاء اٍيداعه السجن مع ثلة من الموظفين من نفس الجماعة في انتظار الحكم النهائي ، وهذا القرار جاء نتيجة تقارير مؤسسة تدعى المجلس الاعلى للحسابات وهي مؤسسة تابعة للدولة لكنها مستقلة ومهمتها هي مراقبة الحسابات أي ما يسمى بالمال العام ، وبهذه المناسبة فكل المغاربة ينوهون بعمل هذه المؤسسة والتي ما فتئت تطمئن المواطنين بأن هناك أيادي نظيفة تحاول أن تضع الامور في مسارها الطبيعي ، وتضرب بالقلم كل من سولت له نفسه التلاعب بالمال العام عن طريق الغش في الصفقات وتهيئة المدارت الحضرية والقروية وغيرها من المشاريع التي تهم الساكنة والادارة والمجال . في السنوات الاخيرة كثر الحديث عن تراجع المواطنين فيما يخص الانتخابات الى درجة أصبح العزوف الجماعي هي السمة الغالبة في عملية التشخيص للنتائج الانتخابية ، وعلاة على الفساد الذي أصبح هو شعار فئة كبيرة من السياسيين ، هناك ما يسمى بالوجوه المألوفة والتي تترشح في كل انتخاب ولو بلغت سن الشيخوخة ، وهو الامر الذي لا يعطي للشباب أي فرصة لممارسة السياسة . الاشكالية التي تفرض نفسها اليوم في المغرب بخصوص محاربة الفساد والحفاظ على المال العام ، والذي يشغل معظم المغاربة تتلخص في مخرجين : المخرج الاول : وهو كالتالي ، هل سوف تستمر متابعة كل ثبث في حقه الفساد الاداري من مؤسسة المجلس الاعلى للحسابات ؟ فاٍن كان ذالك صحيح ، فاٍن ذالك هو المغرب الذي نريد ، وهنا وجب التذكير أن اللائحة كبيرة والاموال التي تمت سرقتها بطرق ملتوية يجب اعادتها الى الصناديق ، مع التعويض المادي والمعنوي للساكنة التي حرمت من التنمية لسنوات عديدة . وهنا لابد من الاشارة أن هذا المنحى سوف يعيد الثقة للمواطنين الذين فقدوا ثقتهم في السياسة بصفة عامة ، كما أنها سوف تبدد الاحتقان الذي يكنه كثير من المغاربة للفعاليات السياسية نظرا لسنوات من التغاضي عن هؤلاء المفسدين الذين خانوا الامانة وخانوا الوطن ونهبوا من خزينة المال العام بدون هوادة وبدون وجه حق . المخرج الثاني : وهو الأشد تأثيرا على الرأي العام ، والذي يتلخص في الاكتفاء بملف البرلماني ورئيس جماعة مدينة الفقيه بن صالح ومن معه ، دون متابعة الاخرين . هذا المخرج في حد ذاته يقزم عمل مؤسسة المجلس الاعلى للحسابات والتي تقوم بعمل جبار طوال السنة ، من جهة أخرى هذا المخرج سوف يزيد من درجة العزوف السياسي في السنوات القادمة ، كما سوف يشجع رؤساء الجماعات وغيرهم من الموظفين من استغلال النفوذ وفرض السيطرة المطلقة على الصفقات . كما أنه سوف يدخل جمعيات المجتمع المدني خاصة المختصة في محاربة الفساد ومراقبة المال العام في نفق مسدود ، ومن جهة أخرى شفافية الانتخابات سوف تهتز جراء تفشي عملية التزوير وعملية شراء الاصوات والأشد من هذا كله سوف يعمل على نشر ثقافة التواطء والتفرقة بين المواطنين انطلاقا من الانخراط في مسلسل التبعية العمياء بقوة استغلال النفوذ . دور الحكومة في الافلات من العقاب تطل الحكومة المغربية على المواطنين بما يسمى بالحوار الاجتماعي وهو برنامج هدفه التخفيف عن عبئ المواطن المغربي الذي أصبح يعاني جراء التضخم من غلاء المعيشة وذالك بضخ أموالا كثيرة مساهمة منها لتقوية مناعة المواطن ، أو بالاحرى الدفاع عن القدرة الشرائية ، والتي أصبحت ضعيفة مقارنة مع ارتفاع أثمان المواد الغذائية وجميع المواد والخدمات التي لها صلة بالحياة اليومية . هذا الحوار الاجتماعي يعتبر بادرة حسنة في حد ذاته لانه يرمي الى بناء مجتمع متحرر خال من الاستغلال ، ويحاول ان يضمن للمواطن الكرامة والمساوات والعدالة الاجتماعية ، لكن هذا البرنامج لا يهتم بمتابعة ناهبي المال العام ومحاربة الفساد بجميع اشكاله بما فيه الافلات من العقاب في مجالات مختلفة ، وبهذا المنحى يكون البرنامج بطريقة مباشرة مساهما في قتل الامل في نفسية المواطن وحاجزا يفضي الى تراجع روح المواطنة، ومشجعا للانقضاض والاستحواذ على المال العام أينما كان من طرف المنتخبين ، وهو ما ينمي الاستبداد والاستغلال والفساد ، وهنا بالدليل والحجة فالشكاية الاولى بالبرلماني ورئيس جماعة الفقيه بن صالح قدمتها جمعية حماية المال العام سنة 1997 ، وهو ما يعني أنه بعد ربع قرن من الزمن تحركت المسطرة لتبدأ المحاسبة والتحقيقات . النقطة الثانية والتي يجب مراجعتها بسرعة وهي ربط منحة الجمعيات التي تمثل المجتمع المدني والتي تنصب نفسها في بعض الحالات طرفا مدنيا للدفاع عن المواطن ومواجهة الفساد وحماية المال العام ، أقول ربطها برئيس الجماعة وهو الامر الذي يعقد عملها . فكيف لجمعية حقوقية أن تقدم شكاية برئيس جماعة وهو من يعطيها منحة مادية من صندوق الجماعة التي يتولى رئاستها .؟ الافلات من العقاب كان ولازال هو الحلقة التي تؤرق كل متتبع للشأن العام في مسيرة السياسة العامة للبلاد ، ومع مرور السنين استأنس المنتخبون الفاسدون بهذا النوع من التصرف فكونوا شبكات فيما بينهم ، يتقاسمون الاموال مقابل مساهماتهم الخارجة عن القانون . أملنا كبير أن تكون هذه بداية لسياسة جديدة يحاسب فيها كل من خرق القانون وكل من نهب المال العام وعطل التنمية لسنوات ، وخرب البلاد ، واضطهد العباد ، ومارس كل ما هو خارج عن القانون بعزيمة الضد والعناد .