حذرت الأممالمتحدة الجمعة (21 أبريل/نيسان 2023) من الذوبان السريع للأنهار الجليدية في العالم خلال العام الماضي، من دون القدرة على لجم الوضع في ظل بلوغ مؤشرات تغير المناخ مجددا مستويات قياسية. معدلات قياسية تثير القلق وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة إن السنوات الثماني الماضية كانت الأكثر دفئاً على الإطلاق، بينما بلغت تركيزات غازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون، ذروتها. وأوضحت المنظمة في تقريرها المناخي السنوي أن "الجليد البحري في أنتركتيكا انخفض إلى أدنى مستوى له على الإطلاق". أضافت المنظمة أن ذوبان الأنهار الجليدية بشكل مفرط ومستويات الحرارة القياسية في المحيطات، التي تتسبب في تمدد المياه، أسهما في ارتفاع مستوى سطح البحر 4.62 ملليمتر سنويا في المتوسط بين 2013 و2022، أي ضعف المعدل الذي كانت عليه بين عامي 1993 و2002 وذلك في تقرير رئيسي لتفصيل الآثار السلبية لتغير المناخ. وقال بيتري تالاس الأمين العام للمنظمة في مؤتمر صحفي "خسرنا بالفعل مباراة ذوبان الأنهار الجليدية ومباراة ارتفاع مستوى سطح البحر، فتلك أنباء سيئة إذن". وأضاف أن مستويات سطح البحر ستواصل الارتفاع "آلاف الأعوام" لأن مستويات مرتفعة من غازات الاحتباس الحراري انبعثت بالفعل. ويهدد ارتفاع مستوى البحر بعض المدن الساحلية ووجود بعض الدول القريبة من مستوى سطح البحر مثل جزيرة توفالو التي تخطط لإنشاء نسخة رقمية لنفسها إذا غمرتها المياه. درجات حرارة قياسية كما أشارت المنظمة إلى تسجيل درجات حرارة قياسية في المحيطات بسبب غازات الدفيئة. وتنص اتفاقية باريس المناخية الصادرة عام 2015 على عمل البلدان الموقعة على حصر الاحترار المناخي بدرجتين مئويتين مقارنة بمعدلات ما قبل الثورة الصناعية في منتصف القرن التاسع عشر، وب1,5 درجة مئوية إذا أمكن. وقال تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن متوسط درجة الحرارة العالمية في عام 2022 كان أعلى ب1,15 درجة مئوية فوق المعدل للسنوات ما بين 1850 و1900. وسُجلت معدلات درجات الحرارة العالمية القياسية خلال السنوات الثماني الماضية، رغم تأثير التبريد الناجم عن ظاهرة "لا نينيا" المناخية التي امتدت على ما يقرب من نصف تلك الفترة. تزايد سرعة ذوبان الثلوج وقد شهدت الأنهار الجليدية المرجعية في العالم - أي تلك التي لها بيانات على المدى الطويل، خسارة في السماكة بمتوسط يزيد عن 1,3 متر بين تشرين الأول/أكتوبر 2021 وتشرين الأول/أكتوبر 2022، وهي خسارة أكبر بكثير من المتوسط على مدى العقد الماضي. وبلغت الخسائر التراكمية لسماكة الجليد منذ عام 1970 ما يقرب من 30 متراً. في أوروبا، حطمت جبال الألب الأرقام القياسية لذوبان الأنهار الجليدية بسبب تضافر عوامل بينها النقص في تساقط الثلوج خلال الشتاء، وموجة الغبار الصحراوي في آذار/مارس 2022 وموجات الحر بين أيار/مايو وأوائل أيلول/سبتمبر. وقال رئيس المنظمة بيتيري تالاس لوكالة فرانس برس "لقد خسرنا بالفعل اللعبة على صعيد ذوبان الأنهار الجليدية، لأن لدينا مثل هذا التركيز العالي لثاني أكسيد الكربون". وفي جبال الألب السويسرية، "فقدنا في الصيف الماضي 6,2 في المئة من كتلة الأنهار الجليدية، وهي أعلى نسبة منذ بدء التسجيلات". وقال تالاس "هذا أمر خطير"، موضحاً أن اختفاء الأنهار الجليدية سيحد من إمدادات المياه العذبة للبشر وللزراعة، كما سيضر بمسارات النقل إذا أصبحت الأنهار أقل قابلية للملاحة. وأكد أن"هذا النوع من الأشياء سيتسبب بمخاطر كبيرة في المستقبل"، مضيفا "ستختفي الكثير من الأنهار الجليدية الجبلية، وسيستمر تقلص الأنهار الجليدية في القطب الجنوبي وغرينلاند على المدى الطويل، ما لم نستحدث وسيلة لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي". ارتفاع تركيز غازات الدفيئة وقال التقرير إن تركيزات غازات الدفيئة وصل إلى مستويات قصوى جديدة في عام 2021. وبلغ تركيز ثاني أكسيد الكربون 415,7 جزءاً في المليون عالمياً، أي 149% من مستوى ما قبل الثورة الصناعية (1750)، بينما وصل تركيز الميثان إلى 262%وأكسيد النيتروز 124%. وتشير البيانات إلى أن مستويات التركيز هذه استمرت في الزيادة في عام 2022. على الرغم من الأخبار السيئة التي وردت في التقرير، قال تالاس إن هناك ما يدعو إلى بعض التفاؤل. وأشار إلى أن وسائل مكافحة تغير المناخ أصبحت ميسورة التكلفة، إذ أصبحت مصادر الطاقة الخضراء أرخص من الوقود الأحفوري، بينما يطور العالم أساليب لتحسين الكفاءة المناخية. ولفت تالاس إلى أن الكوكب لم يعد يتجه نحو احترار بثلاث إلى خمس درجات مئوية، كما كان متوقعاً في عام 2014، لكنه الآن في طريقه لاحترار يتراوح بين 2,5 و3 درجات مئوية. وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية "في أفضل الأحوال، سنظل قادرين على بلوغ عتبة احترار عند 1,5 درجة مئوية، وهو ما سيكون أفضل لرفاهية البشرية والمحيط الحيوي والاقتصاد العالمي". ولفت إلى إن 32 دولة خفضت انبعاثاتها ولا تزال اقتصاداتها تنمو. وأضاف تالاس "لم يعد هناك رابط تلقائي بين النمو الاقتصادي وازدياد الانبعاثات". وبحسب تالاس، بات زعماء العالم "يتحدثون جميعاً عن تغير المناخ باعتباره مشكلة خطيرة، وبدأت الدول في التصرف"، خلافاً لما كان الوضع عليه قبل عقد من الزمن.