تضرب الكوارث الطبيعية العديد من البلاد بشكل مفاجئ ومن دون سابق إنذار، ولا يمكن للشخص التحضير المسبق لها، فعند حدوثها يشعر الإنسان بالقلق والتوتر بسببها وتخلف له آثار نفسية تعيق عيش حياته اليومية بشكل سليم. ونعيش حالياً في العالم العربيّ في حالة من القلق المستمرّ والتوتر من امكانية تكرّر الزلازل والهزّات. لذا نضيء على الآثار النفسية للكوارث الطبيعية بالاعتماد على دراسة أجريت على الناجين من زلزال "هايتي"، لكي تتنبّهوا الى حالتكم النفسية الشخصية! الحالة النفسية للناجين من زلزال "هايتي" أفادت دراسة أجراها باحثون بكليّة الطبّ في جامعة نيويورك الأميركية، بأنّ الأشخاص الذين نجوا من الكوارث الطبيعيّة مثل الزلزال يكونون عرضة لاضطرابات النوم، التّي ترتبط بمشاكل الصحّة العقليّة والنفسيّة، حتّى لو بعد عامين من وقوع الحادثة. وفي التفاصيل، أجريت الدراسة على حالة الأشخاص الذين تعرضوا لإحدى الكوارث الطبيعيّة، فاستطلع الباحثون آراء 165 شخصاً بعد عامين من نجاتهم من زلزال "هايتي" الذي ضرب في عام 2010. وبلغ متوسّط أعمارهم الواحد والثلاثين عاماً، كما كان 48% منهم نساء. ووصفت الدراسة زلزال "هايتي" بالأكثر تدميراً في تاريخ بلاد أميركا اللاتينية، وقد أسفر عن مقتل أكثر من 200 ألف قتيل وأكثر من مليون جريح ومشرّد. وأتت نتائج الدراسة على الشكل التالي: 94% من المشاركين عانوا أعراض الأرق عقب وقوع الكارثة، أما بعد عامين، استنتجت الدراسة أن 42% من المشاركين ظهرت عليهم اضطراب ما بعد الصدمة و22% منهم يعانون من مرض الإكتئاب. فتعرّض المشاركون لاضطرابات النوم، اضطراب ما بعد الصدمة وأعراض الإكتئاب، وجميعها ارتبطت بحدوث مشاكل في الصحّة العقليّة. وقال قائد فريق البحث، الدكتور جوديت بلانك: "هذه الدراسة واحدة من أوائل الدراسات الوبائيّة التّي تحقّق في انتشار اضطرابات النوم بين الناجين من زلزال هايتي". وأشار إلى أنّ الدراسة تؤكّد أنّ هناك ارتباطاً قويّاً بين الإضطرابات الشائعة المرتبطة بالمشاكل والصدمات النفسيّة وظروف النوم المرضيّة. كما قال بلانك إلى أنّ نتائج الدراسة تشير الى الحاجة الى تقييم وعلاج مشاكل النوم بين الناجين من الكوارث الطبيعيّة، لأنّها منتشرة بشكل كبير. على ضوء هذه الدراسة، إنّ الأشخاص الذين تعرّضوا لكارثة طبيعية تصبح لديهم مشاكل نفسيّة، اضطراب ما بعد الصدمة وعوارض الإكتئاب وليس لفترة قصيرة بل تمتدّ لسنين طويلة وتسبّب المعاناة في حياتهم. كما يشير علماء النفس إلى أنّه هناك مشاكل نفسيّة إضافيّة وهي: الشعور بالذنب حيال أحد الضحايا، لوم الذات من إمكان تجنب الكارثة، الحزن المعقّد، عدم القدرة على التكيّف مع الواقع الجديد، الخوف من المستقبل والشعور بالقلق.