مع إعادة طرح مشروع النفق البحري الذي سيربط بين إسبانيا والمغرب بشكل رسمي، لا يزال هذا المشروع الحيوي يواجه عدة عقبات تجعل من مصيره غير مؤكد. وبحث ملف المشروع في اجتماع رفيع المستوى بين حكومتي البلدين جرى مطلع فبراير في الرباط. وأطلق المشروع العام 1979 من طرف ملك المغرب الراحل، الحسن الثاني، ونظيره الاسباني، خوان كارلوس الأول، وهو عبارة عن نفق بحري يربط إفريقيا بأوروبا بواسطة القطار، عبر مضيق جبل طارق. بعدما طرحت عدة خيارات استقر القرار نهاية التسعينات على بناء نفق بحري، على شاكلة نفق المانش بين فرنسا وبريطانيا، على أن يكون مدخله بين حي مالاباطا في مدينة طنجة ومنطقة بونتا بالوما قرب مدينة طريفة الاسبانية. يفترض أن يشتمل المشروع الذي يعد من بين الأضخم في العالم، على سكتين حديديتين ورواق للخدمات والإغاثة. ويقدر طوله ب 38.5 كيلومترا، بينها 28 كيلومترا تحت الماء، بعمق أقصاه 475 مترا.
ما هي أهداف المشروع؟ من خلال ربط شبكتي السكك الحديدية في البلدين، سيكون النفق بمثابة "محفز للاقتصاد الأوروبي والإفريقي"، كما يؤكد لوكالة فرانس برس، كلاوديو أولالا، المهندس والأستاذ الفخري في جامعة البوليتكنيك في مدريد الذي عمل في هذا المشروع لبعض الوقت. وتقول شركة Secegsa"" الإسبانية إن المشروع سيسمح بمرور أكثر من 13 مليون طن من البضائع 12.8 مليون مسافر سنويا على المدى المتوسط، وهو ما "يمكن أن يساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية" لغرب البحر الأبيض المتوسط، لكن مضيق جبل طارق الذي تعبره 100 ألف سفينة كل عام مزدحم، مما يقيد عبور البضائع بين البلدين.
ما هي العوائق أمام إنجاز المشروع؟ ويواجه المشروع بالأساس مشكلة تقنية تتمثل في أن مضيق جبل طارق يقع على حدود الصفيحتين التكتونيتين الأوروبية والإفريقية، وهي منطقة جيولوجية معقدة، تتخللها مقاطع طينية غير مستقرة فضلا عن تيارات بحرية عنيفة. ويرى الباحث، كلاوديو أولالا، أن "نوعية التربة سيئة، لا علاقة لها بالأحجار الكلسية التي توجد تحت بحر المانش"، معتبرا أن "الظروف التقنية لا تلائم إطلاقا إقامة هذا النفق". ومن شأن هذا أن يرفع كلفة المشروع التي لم يتم تحديدها حتى الآن بدقة. ويضيف أولالا "على المستوى التقني، يمكن تجاوز هذه العقبات، لكن السؤال المطروح يتعلق بمدى نجاعته الاقتصادية". إلى ذلك تضاف العوائق السياسية المرتبطة بالتوترات الدورية بين مدريدوالرباط. فضلا عن احتمال إبداء تردد من جانب الاتحاد الأوروبي، بسبب المخاوف من أن يستغل المشروع في الهجرة غير النظامية، وهي مخاوف يقول رعاة المشروع إن لا أساس لها. تجعل هذه العقبات احتمال إطلاق المشروع ضعيفا على المديين القصير والمتوسط. لكن أولالا يقول "أعتقد أنه سيرى النور في النهاية، لكن ليس بالضرورة غدا".