تتبعنا عبر قنوات التلفزة العالمية جميع مباريات الفريق الوطني المقامة في دولة قطر ، وكان المغرب قد احتل الصف الاول في مجموعته ، بعدما تجاوز دول اروبية لها تاريخ وسجل حافل في كرة القدم العالمية ، وبهذا يكون المغرب هو أول دولة عربية واسلامية وافريقية يصل الى النصف النهائي . ومن هنا يأتي السؤوال البديهي : ماهي الدروس المستخلصة من هذه الانجازات .؟ أولا وقبل كل شيئ هذا الانجاز جاء من التكوين وهو ما يعني الاهمتام بتنمية مقدرات الانسان . والمتتبع لطاقم المنتخب يفهم بسرعة أن كل اللاعبين الذين يمارسون هذه الرياضة يخضعون الى تكوين كامل وشامل في أندية أروبية ، والبقية الباقية من اللاعبين تلقوا تربية رياضية في الاكادمية المغربية لكرة القدم ، ومن هنا يظهر لنا أن التكوين المستمر يعطي نتائج اٍيجابية ، وعليه فليس بعزيز ان تصل رياضات أخرى كالسباحة وكرة اليد وكرة السلة واللاءحة طويلة ، شرط أن تتوقر أكادميات رياضية في تخصصات مختلفة النقطة الثانية بخصوص هذا الانجاز الكبير، هو دور مغاربة العالم في التنمية الوطنية المغربية ، وعلاوة على التحويلات التي تصل الى 10 مليار دولار سنويا ، هناك ما يسمى بالانتماء لوطن الاباء والامهات ، وهذه النقطة بالذات خلقت عدة مداخلات وعدة تساؤلات في مقدمتها : ماهو السر الذي يدفع بالشباب الذين ازدادوا بأرويا في اختيار الفريق الوطني المغربي ، عوض منتخب البلد الذي تلقوا فيه تكوينا مدرسيا أكادميا جعلهم يتألقون في نواد أروبية مشهورة . ؟ بصمة الوالدين تبقى هي الوازع الاول والاخير في شحن شخصية واختيارات كل شاب سطع نجمه في كرة القدم الاروبية ، وما يزكي هذا المعطى هو بروز أمهات اللاعبين المغاربة مع أبنائهم في صور جميلة ومؤثرة في ملاعب قطر . النقطة الثالثة في هذا الموضوع هو أن الفريق الوطني المغربي رفع سقف التطلعات الافريقية والعربية ، وعليه يتوجب الاستعداد في المسابقات العالمية القادمة ، مع التذكير أن ذاك ليس بعيد المنال ، والجميل في هذا الامر ، أن هذه المعادلة يمكن تطبيقها في جميع المجالات ، التكوين في الفلاحة والتكوين في الصيد البحري ، والتجارة والصناعة التقليدية والخياطة وصناعة الادوية وصناعة الاغذية ، واللائحة طويلة . النقطة الرابعة ، وهي نقطة سياسية محضة حيث تظهربجلاء انحياز أروبا سياسيا الى ماتراه يخدم مصلحتها ، فراية فلسطين في المحافل الدولية تعتبر راية محذورة لأنها لازالت تقاوم اسرائيل كي تحصل على حقها في تكوين دولة مستقلة ، والعكس صحيح حينما يكون الامر يهم دولة من الحلف الاطلسي ، أوكرانيا كنموذج . اذن بعد هذه المقدمة الطويلة وصلنا الان الى بيت القصيد ، ألا وهو تطبيق التنمية البشرية بمفهومها العميق والذي يرتكز على نقط عديدة ، أولها معوقات التنمية البشرية والتي يمكن تلخيصها في الفساد و الجهل والتعصب الفكري وقلة التجربة والهشاشة والفقر، وغياب عنصر الابداع وعدم الاحساس بالقيمة وسط المجتمع والخوف من المستقبل . ومن هنا نفهم أن التعليم - الوعي - نور ينير الطريق ومنصة يهتدى بها كل ما زاغ الانسان عن الطريق . على أرض الواقع كم من جماعة قروية في المغرب الحبيب لا يعرف رئيسها القراءة والكتابة ، وليس لديه أي تصور على خلق برامج تنموية في الجهة التي يسيرها ، وكذالك الموظفون بالجماعات القروية فهم لا تتوفر فيهم الكفائة المهنية لمواكبة الوظيفة ، ويزداد الامر تعقيدا مع غياب دورات تكوينية لتدارك الاعطاب . على ارض الواقع أيضا ، أصبح مشكل النفايات والماء الصالح للشرب والبيئة تأرق المواطنين في جميع المدن المغربية في السنوات الاخيرة ، وهذا يأثر سلبا على الساكنة أولا ، وعلى صورة المغرب في حالة تدفق السياح . والحل يبقى بين أيدينا ولا يحتاج الى معجزة كبيرة ، حيث أن خلق اكادمية البيئة والنفايات والماء الصالح للشرب كاف أن يمنح المغرب امكانية خلق شركات محلية وطنية ، أو خصوصية لتجاوز هذا المشكل . تساهم الاحزاب المغربية في نشر الفساد في المجتمع المغربي وذالك من خلال منح التزكية اما للاقارب ، أو لنخب ثبث في حقهم وبشهادة قضاة المجلس الاعلى للحسابات اختلاس المال العام أثناء توليهم مهامات مختلفة ، والغريب في الامر أن ذالك يتم أمام الملئ وفي علم وزارة الداخلية المسؤول الاول عن محاربة الفساد وضرب المفسدين حتى يكونوا عبرة للاجيال القادمة . ليس بالضرورة أن تكون أكادمية الرياضة في كل مدينة وقرية ، لكن أضعف الايمان توفير ملاعب القرب لملئ الفراغ الذي يعاني منه شباب المدن والقرى النائية ، وهذا لا يتأتى الا بالتنمية البشرية الحقيقية والتي قوامها – النية – الحسنة كما جاء على لسان الناخب الوطني وليد الركراكي . سر نجاح الفريق الوطني لا يختصر على التكوين الاكاديمي ، لان هناك دول عديدة تملك أكادميات كرة القدم أكثر من المغرب ، لكن النجاح يعود الى الناخب الوطني والذي أظهر للعالم أن الطموحات يمكن أن تتحقق ولو باٍمكانيات متواضعة شريطة أن تكون – النية –