خلفت العملية العسكرية الشاملة التي باشرتها روسيا، اليوم الخميس، في الأراضي الأوكرانية بعد ثلاثة أيام من اعترافها باستقلال منطقتي "دونيتسك" و"لوهانسك"، ردود فعل دولية تراوحت بين التنديد والدعوة إلى التهدئة، وفرض عقوبات اقتصادية على الطرف الروسي. ودعت منظمة الأممالمتحدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى ضمان عودة الجيش الروسي إلى ثكناته، معتبرة أن العمليات العسكرية الروسية على أوكرانيا غير مقبولة، معلنة تقديم 20 مليون دولار من المساعدات الطارئة لضحايا الصراع. وفي هذا الإطار، وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في بيان مقتضب ألقاه في مقر المنظمة بنيويورك، الهجوم العسكري الروسي ب"الخطأ، والمخالف لميثاق (الأممالمتحدة) وغير المقبول. لكنه ليس أمرا لا يمكن الرجعة عنه". من جهته، أعرب الاتحاد الإفريقي عن قلقه البالغ إزاء الوضع الخطير في أوكرانيا. وطالب الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، الرئيس السنغالي، ماكي سال، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد، في تصريح مشترك، "روسيا وأي جهة إقليمية أو دولية أخرى بالاحترام الحتمي للقانون الدولي وسلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها الوطنية". وحث سال وفقي محمد الطرفين "على وقف فوري لإطلاق النار وفتح مفاوضات سياسية دون تأخير، تحت رعاية الأممالمتحدة، من أجل تجنيب العالم تداعيات على المجتمع الدولي وحفاظا على السلام والاستقرار في العلاقات الدولية خدمة لشعوب العالم". بدورها، أعربت عدة وكالات أممية عن قلقها العميق إزاء تأثير هذه الأزمة على أوضاع وحياة المدنيين، داعية إلى حماية البنية التحتية المدنية، وتجنب تشريد آلاف الأشخاص. وفي هذا الصدد، أعربت مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان، عن مخاوفها من "عواقب إنسانية مدمرة على حياة المدنيين". وقالت إنه "لا يوجد منتصر في الحرب.."، داعية إلى حماية أرواح المدنيين والبنية التحتية المدنية وصونها في جميع الأوقات، بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي. من جهتها، عبرت المديرة التنفيذية لمنظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف)، كاثرين راسيل، في بيان، عن "قلقها العميق" من أن تكثيف الأعمال العدائية في أوكرانيا يشكل تهديدا مباشرا لحياة ورفاهية 7.5 مليون طفل في البلاد، معتبرة أنه "ما لم يهدأ القتال، يمكن تشريد عشرات الآلاف من العائلات قسرا، مما يؤدي إلى تصاعد الاحتياجات الإنسانية بشكل كبير". أما برنامج الأغذية العالمي، فأعرب عن "قلق بالغ" إزاء تأثير الأعمال العدائية على حياة وسبل عيش المدنيين جراء هذه الأزمة، مؤكدا أنه مع تطور الوضع، هناك حاجة لضمان استمرار وصول المجتمعات المتضررة إلى أي دعم إنساني قد تحتاجه. من جهتها، دعت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) إلى احترام القانون الدولي الإنساني، ولاسيما اتفاقية لاهاي لعام 1954 بشأن حماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح وبروتوكوليتها (1954 و1999). ودعت المنظمة إلى الإحجام عن ارتكاب أي هجوم على الأطفال أو المعلمين أو العاملين في مجال التعليم أو المدارس، أو إلحاق الضرر بهم. واتهمت اللجنة الأولمبية الدولية، من جهتها، روسيا بانتهاكها "الهدنة الأولمبية" في أعقاب غزوها أوكرانيا، وقالت إنه "في أعقاب الأحداث الأخيرة"، فإنها "تشعر بقلق عميق بشأن سلامة المجتمع الأولمبي في أوكرانيا". من جهة أخرى، قررت عدة أطراف دولية التفاعل مع الاجتياح الروسي لأوكرانيا من خلال فرض عقوبات على روسيا شملت أفرادا وكيانات وقطاعات اقتصادية حيوية. وفي هذا الصدد، وافق قادة الاتحاد الاوروبي في مستهل قمتهم في بروكسل على فرض رزمة جديدة من العقوبات على روسيا تستهدف قطاعات المال والطاقة والنقل، مؤكدين في بيان أنه "بتنسيق وثيق مع شركاء وحلفاء" الاتحاد الأوروبي، ستشمل هذه التدابير أيضا السلع ذات الاستخدام المزدوج (مدني وعسكري في آن واحد) وإصدار التأشيرات. من جهته، أعلن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في خطاب إلى الأمة أن بلاده فرضت على موسكو عقوبات اقتصادية جديدة وأقرت قيودا على التصدير إلى روسيا. بدورها، فرضت بريطانيا سلسلة جديدة من العقوبات على روسيا حيث حظرت شركة (ايروفلوت) للطيران واستهدفت القطاع المصرفي وصادرات التكنولوجيا وخمسة رجال اعمال. وفي كندا، أعلن رئيس الوزراء، جاستن ترودو، أن بلاده فرضت عقوبات على 58 فردا وكيانا روسيا، محذرا من أن هذا الاجتياح يشكل "تهديدا هائلا للسلم والأمن في جميع أنحاء العالم". وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أعلن فجر اليوم بدء "عملية عسكرية" في أوكرانيا حيث سمع دوي انفجارات قوية في عدد من مدن هذا البلد. واعترف بوتين الاثنين المنصرم باستقلال "جمهوريتي" دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين، ثم حصل في اليوم التالي من مجلس الشيوخ في البرلمان الروسي على الضوء الأخضر لنشر قوات.