ماحدث في سوق حد ولاد جلول بإقليم قنيطرة لايمكن تبريره بأي شكل من الأشكال، لسبب بسيط هو أن كل من تواجد وقتها بساحة السوق هو متضرر من الزيادات والسياسات والقرارات. وليس من العقل ولا النقل ولا حتى من الأخلاق في شيء أن نقبل على متضرر أن يتضرر مرتين، مرة من طرف الفاعل الحقيقي الذي لا يظهر على كاميرات المشهد، ومرة أخرى من طرف مواطن هو متضرر مثله. الأحداث التي وقعت بسوق ولاد جلول، بما خلفته من أسف وحسرة في صفوف عدد كبير من المغاربة؛ رواد الكرم والصبر والتضحية والمواقف عبر امتداد التاريخ والجغرافية. كل ذلك يعني أن حكامنا لا يتعلمون من الأخطاء، ولا يستوعبون الدروس من تجارب وقرارات مشابهة. وقد كان بالإمكان تجنيب بلدنا مشاهد خادشة، حتما ستكون لها كلفة باهظة على صورة المغرب أمام المنتظم الدولي. الأحداث التي شهدها إقليمالقنيطرة، وليس بعيدا أن تنتقل ذات المشاهد إلى مناطق أخرى. هي وقائع تختزل عمق الأزمة السياسية والاجتماعية القائمة والتي ينبغي وقوف المسؤولين بمختلف حيثياتهم أمامها باعتدال شديد، بدل اعتماد أسلوب القفز والتجاهل الذي ألِفه المواطن المغربي إلى حد الغثيان. كل واحد من المغاربة يجب أن يتساءل الآن؛ أين هي نتائج وإسقاطات النموذج التنموي الجديد... أين هي أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية... أين هي الميزانيات الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية... أين هي أموال الدعم المخصص للجمعيات والمنظمات بمختلف أسمائها وأشكالها، وأين مظاهره وانعكاساته الإيجابية على مستوى وعي وسلوك المواطن...
وحتى لا نضع الضحية والجلاد مرة أخرى في مقصلة واحدة، ينبغي لنا ابتداءً إعادة تحليل وتركيب مشاهد الأحداث بمنسوب كبير من الموضوعية والتعقل، على الأقل كي لا نظلم أحدا وأن نعمل جميعا، من خلال قرارات وتصريفات اجتماعية فاعلة، على عدم تكرار المشاهد كونها لاتعكس حقيقة المغاربة.