أثار حفيظتي تعليق البعض على مرور الطائرات الفرنسية على الأراضي المغاربية لمالي ، بدعوى محاربة الإسلام وما إلى ذلك من المفاهيم التي يتفنن البعض في نسجها وربطها بالذين الذي بدوره يتعرض لتشويه كبير وحرب حتى تشتتت المفاهيم ولم يعد أحد يفرق بين الحلال والحرام أو حتى الأمور المتشابهة بينهما . إن اللذين ينددون الآن بمرور الطائرات لمالي هم نفسهم اللذين استقبلوا طائرات الناتو بليبيا بالزغاريد والدعم وهم نفسهم الوقود الذي حرق سوريا وقبلها العراق وقبلها أفغانستان وقبلها الشيشان . لقد اتسعت الهوة بيننا وبينهم وبينما مراكزهم تعمل مراكزنا قائمة على السرقة والنصب والإحتيال ، إنها الحقيقة الدامغة لا مجال للتلاعب إنهم مسلمون بلا إسلام ونحن خونة لديننا نشتري به ثمنا قليلا . الجزائر بدورها تلعب على الحبل فرجل هنا وأخرى هناك في لعبة أكل الكعكة تقدم لفرنسا السكين للأكل وتقلب موقف الدول بالعطايا والهبات والمنح وتلعب دور السيادة الوطنية والدولة التي لم تعرف كيف تواجه الأزمة الليبية قبل سنتين بينما في الحقيقة هذا مجرد حصاد لما زرعته من بؤر بتندوف ودعم للارهابيين ومحاولة للرجوع للساحة الدولية التي لم يعد للعرب بها مكان سوى من كان كلبا ينتظر أن تجود عليه المنظومة الدولية بالقليل من الفتات والبقايا ، أو إيران التي تضمن التوازن بالمنطقة لإركاع الجميع وتمارس أكبر مسرحية في تاريخ البشرية . عاشت أمريكا قوية شامخة والموت لكل زعاماتنا ، دولة تخشى على شخص واحد من رعاياها ومستعدة لتحريك أسطولها بالكامل والدخول في حرب شاملة لأجله تستحق أن نقف لها احتراما ، دولة استطاعت أن تجعل من إعصار رباني محنة للوحدة ولم الشمل في فترة الانتخابات الرئاسية تستحق أن نتعلم منها ، دولة تعامل مواطنيها على أنهم بشر و يعتزون بالانتماء لها واستطاعت التغلب على أزمة خطيرة وتصديرها للخارج تستحق أن نساندها ، دولة تتواجد بكل بيت وبكل قرية وبكل شبر من خلال تكنولوجيتها الحديثة ومجتمعها المدني تستحق أن تحكم العالم ، دولة لا فرق فيها لعرق ولا للون ولا لدين تستحق أن نعجب بها ، دولة تجعلنا مثل الورق الواقف إذا أسقطت واحدة سقط الجميع تستحق أن نحبها . الديمقراطية ليست خطابات ركيكة وانتخابات تسيرها الأموال الحرام وجيوش وأجهزة لاتجيد إلا قمع الشعوب وتطويعها كما يحدث ببلداننا لكنها إرادة شعب وبدون تدخل الولاياتالمتحدة مباشرة في تكريس هذه العلاقة المباشرة بين الشعب وسلطته الحاكمة سيضل البعض يمارس سياسة استحمار رعيته بدون زرع أسس قويمة لبناء منظومة دولية تسعنا جميعا وهو ما ركز عليه الرئيس أوباما في خطاب تنصيبه . نعم إنها الحقيقة المرة ، داخل دولنا نفقد معاني الوطنية والانتماء ، ندرس الخيانة والحقد ومبادئ صناعة الأقزام ، نتعلم أن البقاء فقط للذين يمارسون علينا أبشع صور اللصوصية والريع والظلم في إطار شبكات منظمة لرعي العرب في طوابير كالقطيع ،نتعلم أن هناك دائما نظرية مؤامرة وننسى أن المؤامرة حقا هي الجلوس وعدم العمل وإلصاق التهم في الآخرين ، إنها حلبة وتحتاج لمجهودات وفكر للوصول لمصافي الدول الفاعلة وليس فقط حنين للماضي وبكاء على الأطلال والى أن يتعلم العرب القليل من أمريكا نعزي أنفسنا فينا.