أبان البلدان المغاربيان الجزائروتونس، في الآونة الأخيرة، عما يمكن تسميته "تقاربا" ملفتا للانتباه في وجهات النظر؛ تجلى أولا في إقراض الأولى للثانية ما قدره 300 مليون دولار أمريكي، ثم ثانيا زيارة الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، تونسَ ولقاء رئيس الجمهورية، قيس سعيد، وثالثا تبادل رئيسي البلدين التهاني عقب فوز المنتخب الجزائري على نظيره التونسي في نهائي كأس العرب (قطر 2021). هذا التقارب، وفق محمد عصام لعروسي، الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية وأستاذ العلاقات الدولية، "ليس استراتيجيا؛ بل يدخل في إطار التنافس الإقليمي، خاصة وأن الجزائر تنوي التضييق على المغرب من خلال كسب حبيب جار هو تونس"، مؤكدا أن "مواقف البلدين في الأيام الأخيرة شهدت تحولا كبيرا". وأضاف لعروسي، في تصريح خصّ به موقع "أخبارنا"، أن "تونس تعرف في المرحلة الحالية، لاسيما بعد تولي قيس سعيد رئاسة الجمهورية، تحولا كبيرا في ما يخص قضية الصحراء المغربية، خصوصا وأن تونس لطالما كانت لها مواقف حيادية في الموضوع"، مشددا على أن "هذا التقارب، إن صح القول، يعكس أزمة داخل تونس؛ أزمة الشرعية، على اعتبار أن قيس يبحث عن الشرعية السياسية والدستورية". "إن انفتاح تونس على الجزائر في هذا التوقيت بالذات يعني الاحتياج إليها، من خلال طلب مساعدات وقروض بملايين الدولارات"، يقول أستاذ العلاقات الدولية قبل أن يوضح أن "الجزائر هي الأخرى وجدت في هذا التقارب ضالتها رغبة منها في فك العزلة عنها، ناهيك عن نيّتها فرضَ الهيمنة على منطقة شمال إفريقيا، خاصة في الجانبين الدفاعي والعسكري". ولم يُفوت الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية الفرصة دون أن يبرز أن "التقارب المغربي-الألماني، عبر بيان واضح ولا غبار عليه يدعم مقترح الحكم الذاتي الذي يتبناه المغرب، فضلا عن دعم دول التعاون الخليج الرباط في قضية الصحراء المغربية، (كلها عوامل) دفعت الجزائر إلى توجيه بوصلتها نحو تونس درءا للعزلة الإقليمية". ولم ينف لعروسي أن "تونس تتقارب بشكل كبير مع الجزائر أكثر من المغرب، ولهذا اختارت هذا التوجه"، موردا أن "هذه 'الشراكة' لا يمكنها أن تقدم شيئا كثيرا للمنطقة، خاصة وأنها (المنطقة) تعاني تهديدات إرهابية وتحديات أمنية وهشاشة مؤسساتية".
كما شدد أستاذ العلاقات الدولية على أن "قيس سعيد يحاول بهذا التقارب الاستقواء بالجزائر في مواجهة الأزمة الداخلية"، خالصا إلى أن "الجارة الشرقية من جهتها تحاول أن توضح للعالم وللمحيط الإقليمي أن تونس حليف استراتيجي، في حين أن هذا التقارب تكتيكي ومرحلي ليس إلّا، ولا يمكن أن يُؤتي أكله في المديين القريب والبعيد".