لطالما كانت مباريات التعليم كل سنة متنفس الكثير من المجازين خريجي الجامعات المغربية، الذين يراهنون على هذه المباراة لولوج سوق الشغل ومحاربة البطالة؛ بيد أن شروطا جديدة اعتمدت عليها الوزارة الوصية هذه السنة تسببت في احتجاجات على منصات التواصل الاجتماعي وأرض الواقع على حد سواء. ومن أبرز الشروط التي أغضبت المقبلين على هذه المباراة هناك عامل السن الذي حددته وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في 30 سنة كحد أقصى، ناهيك عن شرط الانتقاء الأولي الذي استغنت عنه الوزارة في الولاية الحكومية السابقة، فاسحةً المجال لجميع المجازين باجتياز المباراة، دون نسيان شرط عدم الارتباط بأية علاقة شغل مع مؤسسة للتعليم المدرسي الخصوصي أو أي مشغل آخر. وفي هذا السياق، يرى عبد الغني الراقي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن "الإعلان عن مباراة التعليم لا يتضمن شرط السن فقط؛ بل هناك أيضا شرط الانتقاء الأولي الذي تم تجاوزه في السنوات المنصرمة"، مشيرا إلى أن "الشرط الخامس لا يقل خطورة، والمتعلق باشتراط عدم الارتباط بأية علاقة شغل مع مؤسسة للتعليم المدرسي الخصوصي أو أي مشغل آخر". وزاد الراقي، في تصريح خصّ به موقع "أخبارنا"، أن "هذه الشروط نعتبرها نوعا من الشطط الإداري، والشرط الخامس أملاه لوبي مؤسسات التعليم الخصوصي، على اعتبار أنه مع حلول كل مباراة يغادر أساتذة التعليم الخصوصي هذه المدارس بحثا عن آفاق جديدة"، مشددا على أنه "حتى مش ما يهرب من دار العرس، على اعتبار أنه لو كانت مدارس التعليم الخصوصي توفر الحد الأدنى من الأجور للأساتذة لما غادروا باحثين عن عمل يضمن لهم شيئا من الاستقرار الوظيفي والمهني. الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم أورد أن "التعليم بالتعاقد أفضل بكثير من التعليم الخصوصي"، مقرا أن "ما يمكن أن يحرك الطلبة ليس السن، نظرا إلى أنهم ما يزالون شبابا، ولكن الانتقاء الأولي غالبا ما أخرج طلبة ظهر المهراز بفاس ليلة أمس إلى الاحتجاج، على اعتبار أن أغلب المجازين لم يحصلوا سواء على الإجازة أو البكالوريا بميزة مستحسن، وهذا ما سيدفعهم إلى الاحتجاج من أجل إتاحة الفرصة لهم قصد اجتياز المباراة". وتابع الراقي أن "المغرب في غنى عن مثل هذه الاحتجاجات، لكن وزارة بنموسى بهذا القرار زادت الطينة بلة"، مؤكدا أن "الوزارة لم تشركهم قبل اتخاذ هذا القرار"، موضحا أنهم ك"نقابيين التقوا بالوزير يوم الثلاثاء المنصرم ولم نُستشر في الموضوع. كما تفاجأنا بالقرار مثلنا مثل الرأي العام الوطني"، خالصا إلى أن "جميع الفاعلين معنيون بهذا الموضوع، من نقابات وجمعيات وأحزاب ومجتمع مدني وإعلام". من جهته، وصف عبد الوهاب السحيمي، فاعل تربوي، قرار الوزارة الوصية على قطاع التربية الوطنية ب"العبث والارتجالية"، مشددا على أنه "لم يستوعب بعد شروط بنموسى الجديدة لاجتياز المباراة"، متسائلا عن "أسباب اتخاذ مثل هذه القرارات، لاسيما شرط السن المثير للجدل". وأكد السحيمي، في تصريح خصّ به موقع "أخبارنا"، أن "هذا القرار سيفضي إلى إقصاء عشرات الآلاف من المجازين الذين هم في مسيس الحاجة إلى التوظيف"، مشيرا إلى أن "هناك من تجازوا هذا السن بعدما قرروا متابعة الدراسة وإنهاءها، ليجدوا اليوم أنفسهم مقصيين من اجتياز المباراة دون مبرر معقول". الفاعل التربوي أوضح أن "بنموسى بدأ مهامه بارتجال مؤسف، على اعتبار أن هذا القرار لا يستند إلى أي دراسة أو سبب مقنع"، مستدركا أن "قانون الوظيفة العمومية ينص على 45 سنة كحد أدنى لاجتياز المباريات"، داعيا إلى "احترام هذا القانون الذي يؤطر جميع الموظفين". وأكد السحيمي أن "شاب 30 سنة يكون ذا نضج عال ويكون اكتسب معارف ومهارات كثيرة"، موضحا أن "احتجاج المعنيين بهذه الشروط مشروع ومن حقهم ذلك"، مطالبا وزارة التربية الوطنية ب"التراجع عن هذا القرار بشكل فوري، والسماح باجتياز المباراة للمجازين ما فوق 30 سنة".