بدون سابق اٍنذار أقصت الحكومة المغربية الجديدة ما يسمى بوزارة الجالية المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج من لائحة الوزارات التي تم ترسيمها مؤخرا بعدما فاز حزب التجمع الوطني للاحرار برئاسة رجل الاعمال السيد عزيز أخنوش . للتذكير أيضا ، هناك وزارة أخرى تم اقصائها وتدعى الوزارة المنتدبة المكلفة بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان ، والملاحض بخصوص هذا الموضوع أن رئيس الحكومة الجديدة السيد عزيز أخنوش، ولا الناطق الرسمي باسمها لم يصدرا أي بلاغ ، أو توضيح بخصوص هذا الموضوع . دور وزارة حقوق الانسان والعلاقة مع البرلمان يرتكز على دور رعاية الديموقراطية وصيانة حقوق المواطن في جميع المجالات ، ودور وزارة الجالية هو حماية مغاربة العالم وحثهم على التشبث بالهوية وتشجيعهم على الاستثمار بالبلد الأم – المغرب – الرأي العام المغربي سواء بداخل الوطن ، أو خارجه يتسائل عن الاسباب التي تقف وراء اقصاء هاتين الوزارتين في الوقت الذي تمر فيها البلاد بحالة لا تحسد عليها على مستوى الرعاية الاجتماعية والتي لازالت تحتاج الى عناية كبيرة ، وعلى مستوى الوحدة الوطنية والتي هي منصة ومقياس وصورة تترجم حجم احترام حقوق الانسان والذي له علاقة بمبادرة الحكم الذاتي بصفة مباشرة . دستوريا عمل وزارة الجالية يتلخص باٍعداد وتنفيذ السياسات الحكومية المتعلقة بمغاربة العالم بتنسيق مع القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية داخل المغرب وخارجه ، وتتولى أيضا مهمة تقوية التضامن والنهوض بالعمل الاجتماعي لفائدة مغاربة العالم والحفاظ على الهوية المغربية وتوطيدها ، وكذا تمثيل الحكومة لدى المنظمات الغير الحكومية وفي الملتقيات الدولية المعنية بشؤون الهجرة ، علاوة على تسهيل اٍدماج المهاجرين واللاجئيين بالمغرب . ربما لأسباب تقنية ، ربما لأسباب لها علاقة بالنتائج الملموسة ، ربما لأسباب يجهلها الرأي العام ، تم الاستغناء عن هاتين الوزارتين ، لكن لازال الوقت لتدارك الموقف واصلاح ما يمكن اٍصلاحه ، خاصة وأن المغرب حاليا يحتاج في الظروف الراهنة الى تلميع صورته على الصعيد الدولي بشكل يكرس الخيار الديموقراطي والتشبث بتحقيق التنمية الاولى وهي ما يسمى بالاستثمار في الرأس المال البشري من خلال توفير الرعاية الصحية والنفسية والكرامة الانسانية المتعارف عليها دوليا في بيانات بنود الهيئات العالمية . بحكم التجربة والتخصص ، أريد اليوم أن أرفع الى علم الجميع أن هناك مشاكل كبيرة خارج الوطن تنتظر من ينكب عليها ويعالجها من الأساس ، ليس بالظرورة وزارة الجالية ، لكن هذه المشاكل تحتاج الى ناس لهم خبرة ولهم تصورات ولهم شجاعة ولهم فن التواصل مع الجهات المعنية منضويين تحت مظلة واحدة ، تحت أي اسم من المسميات . أولا ، هناك مشكل الاطفال القاصرين والذين يعيشون في الملاجئ الاروبية ، والبقية الباقية منهم يعيش بشكل عشوائي في شوارع كبريات المدن الاروبية . ثانيا ، كل سنة يغادر المغرب عدد من العاملات المغربيات يشتغلن في الفلاحة باسبانيا يتعرض معظمهن للتحرش والاغتصاب . ثالثا ، بعض النساء اللواتي بدافع البحث عن العمل ، تنتهي بهم الاقدار الى بلدان شرق أوسطية ، البعض منهن يتعرضن الى معاملات غير أخلاقية . رابعا ، هناك شباب مغاربة يقبعون في السجون الليبية تحت الحراسة المشددة ، يتعرضون لمعاملات غير اٍنسانية ، تحطمهم نفسانيا وصحيا . خامسا ، وأخيرا ، معظم الشباب المغربي الذي يحلم بالوصول الى أروبا ، هناك مجموعة تحاول الدخول اليها عبر تركيا واليونان ، لكن هذه الاخيرة يتفنن ويتلذذ جنود حراسة حدودها في تعذيب الشبان المغاربة الذين يدخلون أراضيها خفية ، وهناك منهم من لقي حتفه جراء العذاب والتنكيل، ويجري هذا في غياب تام للجهة المسؤولة لمساعدة هذا الشباب . لم أركز على دور مجلس الجالية ، لانه أصبح متجاوز ، وبعيدا كل البعد عن مغاربة العالم ، وفوق كل هذا هو مجلس غير قانوني ونتائجه غير ملموسة .
خاتمة : اٍذا كانت الحكومة الجديدة تعتمد على الخيار الديموقراطي وتنزيل برنامج النموذج التنموي الجديد معتمدا على الارواش الكبرى لتحقيق التنمية المستدامة لخدمة الوطن ، فاٍن الدفاع عن المواطن أينما حل وارتحل هو طرف أيضا من خدمة الوطن .