لم يتقبل متتبعون مغاربة قرار فرنسا القاضي بتشديد إجراءات منح التأشيرات؛ إذ عبّر جلهم عن امتعاضهم من هذا القرار الفجائي الذي لم يُبنَ على أسس منطقية، في الوقت الذي تحرص فيه الرباط على التعاون مع باريس في مجال الهجرة. رفضُ هذا القرار الانفرادي يتجلى، أيضا، في رد المغرب على لسان ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، على هامش ندوة صحافية عقدت بحضور وزير الخارجية الموريتاني أمس الثلاثاء، بقوله إن "القرار غير مبرر لعدة أسباب"، معبرا عن أن "المغرب دائما ما يتعامل مع مسألة الهجرة بمنطق المسؤولية والتوازن اللازمين". وفي هذا السياق، يرى تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي، أن "هذا القرار يدخل في إطار السلطة السيادية للحكومة الفرنسية"، موردا أنه "من حق باريس تحديد نوعية التأشيرات التي يمكن منحها للبلدان الصديقة أو للدول التي يرغب مواطنوها في زيارة فرنسا". وأضاف الحسيني، في تصريح خصّ به موقع "أخبارنا"، أن "القانون الدولي، بشكل عام، يقوم على مبدأ المعاملة بالمثل، ومع ذلك لم يُقدم المغرب على اتخاذ أية خطوة مماثلة ضد فرنسا؛ رغم أن التفسيرات التي اعتمدتها باريس لاتخاذ هذا القرار غير مقنعة". أستاذ القانون الدولي تابع بالقول إن "هذا القرار لو اتُّخذ قبل ظهور أزمة كورونا لمّا كان عدد التأشيرات يصل إلى زُهاء 300 ألف وتم تخفيضه ب50 في المائة، لكان مقبولا موضوعيا بسبب الجائحة"، مشيرا، في الإطار عينه، إلى أنه "بعد الجائحة تأتي فرنسا لاتخاذ هذا القرار، متذرعة بكون المغرب لم يؤشر على مستوى القنصليات على الموافقة على استقبال مواطنين مغاربة رحلوا إلى فرنسا". وأردف الحسيني أن "مسطرة الدخول إلى التراب المغربي تتطلب إجراء فحص PCR بالنسبة إلى القادمين، وهذا النوع من الالتزامات لا تطبقها فرنسا على المغادرين"، مردفا أن "باريس يلزمها أن تُخضع المغادرين لإجراء هذا النوع من الفحص"، موضحا أن "هذا مشكل فرنسا الداخلي، وكان عليها حله وليس إلقاء العذر على المغرب بهذه الطريقة". أستاذ العلاقات الدولية استطرد بالقول إن "تجميع بلدان المغرب والجزائر وتونس في سلة واحدة، مع العلم أن لكل بلد وضعيته الخاصة، غير مقبول"، خالصا في نهاية تصريحه إلى أن "هذا القرار اتُّخذ بشكل انفرادي وفجائي وانتهازي".
تجدر الإشارة إلى أن باريس قررت تشديد شروط منح التأشيرات لمواطني المغرب والجزائر وتونس، ردا على "رفض" الدول الثلاث إصدار التصاريح القنصلية اللازمة لاستعادة مهاجرين من مواطنيها، وَفق ما أعلنه الناطق باسم الحكومة غابريال أتال أمس الثلاثاء.