توصل العديد من الدراسات التي أجريت على نظام المعاشات بالمغرب، إلى خلاصة تؤكد أن نظام الحماية الاجتماعية بالمغرب ليس بخير، صناديق التقاعد مهددة بالإفلاس، وتوقعت أن يعاني الصندوق المغربي من عجز مالي سنة 2014، بعد أن شهد عجز فنياً خلال الربع الأخير من العام المنتهي، فضلاً عن نفاد احتياطاته المالية في أفق سنة 2021، وبالتالي سيعجز النظام عن صرف معاشات المتقاعدين. وهذه الحقيقة، أكدها رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بنكيران يوم أمس الأربعاء، في الجلسة الشهرية بمجلس المستشارين التي عقدت طبقا لمقتضيات الفصل 100 من الدستور٬ وتمحورت حول موضوع، "التقاعد بين ديمومة الأنظمة ومحدودية التغطية"، لأجل فتح نقاش حول السيناريوهات المحتملة لمعالجة الوضع، خاصة أن كل سنة تأخير في اعتماد إصلاح نظام المعاشات المدنية تنعكس بفاتورة إضافية تقدر بحوالي 16 مليار درهم على مستوى التزامات النظام. يقول رئيس الحكومة في ذات السياق، أنه في حالة عدم اتخاذ أي إجراء٬ سيصل العجز السنوي لصندوق التقاعد إلى 1.28 مليار درهم سنة 2014 لينتقل إلى 24.85 مليار درهم سنة 2021 وقرابة 45.66 مليار درهم سنة 2030 ليصل إلى 78.54 مليار درهم سنة 2061. وفي تناوله للأسباب التي أدت إلى تدهور الوضعية المالية للصندوق المغربي للتقاعد فلخصها في تدهور العامل الديمغرافي من خلال استفادة الصندوق في الماضي من المعامل الديمغرافي الإيجابي الذي غطى على حقيقة ضعف التعريفة المطبقة مقارنة مع الحقوق التي التزم بها تجاه منخرطيه وتدهور المعامل الديمغرافي لنظام المعاشات المدنية وبشكل ملحوظ٬ حيث تزايد عدد المتقاعدين ما بين 1986 و2011 بوتيرة تفوق 4 مرات وتيرة زيادة عدد النشيطين المساهمين. كما تتعلق هذه الأسباب بالخصوص بانتقال نسبة التغطية من 12 منخرطا مقابل متقاعد واحد سنة 1983 إلى 6 سنة 1997 ثم 3 سنة 2011 مشيرا إلى أن هذا المعامل سيستمر في التدهور بشكل أسرع ليبلغ منخرطا واحدا مقابل متقاعد واحد في أفق سنة 2032. وأبرز بن كيران، أن مدة المساهمة تقلصت تدريجيا بسبب ارتفاع السن عند التوظيف الذي انتقل من 24 سنة في 1980 إلى 27 سنة حالياً بالموازاة مع التطور التدريجي لأمد الحياة عند سن التقاعد الذي يقدر حالياً ب21 سنة مقابل 17.8 سنة في 1980 والذي تستتبعه تكلفة إضافية لنظام التقاعد بسبب ازدياد فترة أداء المعاشات إذا لم تتم مواكبته بالرفع من سن الإحالة على التقاعد. الحلول المقترحة ومن جانبهم ركز ممثلو نقابات المأجورين والأحزاب السياسة على سوء الحوكمة والاختلالات المالية التي تطال هذه الصناديق في غياب متابعة جادة ومستمرة وشفافة لمدخراتها واستثماراتها في مشاريع مضمونة ومربحة من العوامل التي عجلت بهذه الأزمة. من ضمن الحلول المقترحة تناول رئيس الحكومة ما سبق وأن أوصت به الدارسات المنجزة في هذا الإطار، والتي تقترح الرفع من سن التقاعد إلى 65 سنة على غرار بعض الدول الأوروبية والزيادة في نسبة الاقتطاعات ب 26 بالمئة عوض 20 بالمئة كإجراء كفيل بتأجيل نفاذ الاحتياطات، هذا إضافة إلى إدماج العاملين بالقطاع الحر كالأطباء والمحامين والتجار. ثم البحث عن مساهمين جدد في القطاع غير المنظم وبالصناعة التقليدية والفلاحة والصيد البحري، هذا فضلاً عن اعتماد نظام تقاعد من قطبين خاص وعام أو دمجهما إلى جانب نظام تكميلي إلى غيرها من الاقتراحات التي سيحسم فيها لقاء للجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد مع جميع الفاعلين الاجتماعيين والسياسين والاقتصاديين سيعقد بتاريخ 24 من الشهر الجاري.