وجه العاهل المغربي مساء يوم الجمعة 20 غشت الجاري، من مدينة فاس، خطابا ملكيا قويا ضم في طياته مجموعة من الرسائل الواضحة والمباشرة، سواء إلى الداخل أو الخارج. فمناسبة الذكرى ال68 لثورة الملك والشعب المجيدة، ذكر جلالته بأن ثورة الملك والشعب ليست حدثا تاريخيا فقط، و"إنما ثورة مستمرة تلهم الأجيال المتعاقبة بنفس روح الوطنية الحقة للدفاع عن الوطن ومؤسساته ومقدساته". وكانت أولى الرسائل التي وجهها العاهل المغربي تتعلق بالداخل، عندما حسم أمر الانتخابات المقبلة، وبأنها ستجرى في موعدها المقرر. وقال الملك المغربي محمد السادس، إن "الانتخابات ليست غاية في حد ذاتها وإنما هي وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية تخدم مصالح المواطنين وتدافع عن قضايا الوطن"، وهي رسالة ثانية من وجهة نظرنا، تروم تنوير المواطنين والمسؤولين إلى مغزى وفلسفة الانتخابات، خصوصا عندما أضاف" لأننا نؤمن بأن الدولة تكون قوية بمؤسساتها وبوحدة وتلاحم مكوناتها الوطنية وهذا هو سلاحنا للدفاع عن البلاد في وقت الشدة والأزمات والتهديدات وهو ما تأكد بالملموس، في مواجهة الهجمات المدروسة، التي يتعرض لها المغرب في الفترة الأخيرة من طرف بعض الدول والمنظمات المعروفة بعدائها لبلادنا". وفي رسالته الثالثة الموجهة للداخل، بسط جلالة الملك دوافع استهداف المملكة المغربية، وأجملها في عراقتها، تاريخها الأمازيغي، ملكيتها المواطنة، والارتباط القوي بين العرش والشعب. كما أشار جلالته، إلى أن المغرب مستهدف كذلك لأنه ينعم بالأمن والاستقرار، خصوصا في ظل القلاقل والتقلبات التي تجتاح العالم بأسره مؤخرا. أما فيما يتعلق بالرسائل التي وجهها العاهل المغربي إلى الخارج، فكانت واضحة ومباشرة، وأسس من خلالها رسميا لبداية عهد جديد لعلاقات المملكة المغربية مع الخارج. فالملك المغربي، أوضح بما لا يدع مجالا للشك في رسالته الأولى، أن المملكة لن تتنازل أو تفرط في مصالحها العليا، وستقف في وجه كل الدول والقوى الأوروبية التي أصبحت تخاف على مصالحها الاقتصادية وعلى أسواقها ومراكز نفوذها...وهي رسالة من وجهة نظرنا موجهة أساسا إلى إسبانيا وفرنسا، وهي دعوة صريحة للدولتين من أجل تغيير سياستها نحو المغرب، وبناء علاقات جديدة مبنية على الاحترام والتعاون. الرسالة الثانية الموجهة إلى الخارج، تكمن في كون جلالته تحدث نيابة عن أنظمة بلدان المغرب الكبير(التسمية هنا تحمل دلالات تاريخية وسياسية وإبستمولوجية كبرى)، منتقدا بعض القادة الأوروبيين خصوصا بفرنسا وإسبانيا وألمانيا، الذين "لا يريدون أن يفهموا بأن قواعد التعامل تغيرت وبأن دولنا قادرة على تدبير أمورها واستثمار مواردها وطاقاتها لصالح شعوبنا". وتطرق الملك في رسالته الثالثة، إلى الحملة التي سعت إلى تشويه سمعة وصورة المؤسسات الأمنية بالمملكة، ومحاولة التأثير على قوتها وفعاليتها، كما قال جلالته، حيث أظهر للخارج أن محاولة الإيقاع بينه وبين المؤسسات الأمنية باءت بالفشل، وبأن المؤسسة الملكية متشبثة بالقيادات الأمنية وراضية على طريقة عملها. وفي ختام خطابه السامي، ربط جلالة الملك محمد السادس، بين ثورة الملك والشعب والمنعطف التاريخي الذي أحدثته في حينها، وبين المرحلة الجديدة كما قال، والتي "تتطلب الالتزام بروح الوطنية الحقة لرفع التحديات الداخلية والخارجية"، في إشارة واضحة من جلالته إلى أهمية اللحظة التي يعيشها المغرب وحساسيتها، على جميع المستويات، الجيوسياسية، الجيوجغرافية، السياسية، الاجتماعية، والاقتصادية.