باحتفال مميز لمس الروح و الوجدان، استقبل طلاب كلية الصيدلة بالقاهرة زميلهم الذي سخر نفسه طيلة السنة لتقديم يد المساعدة لزملائه، احتفال رمزي لكنه مليء بالمشاعر النبيلة لشاب طيب و خيًر، ان دل على شيء فهو يدل على أن هناك بيتا طيبا بناه ابوين متفوقين اخلاقيا استطاعوا تقديم للمجتمع نموذجا للإنسان الراقي، و نموذجا ايضا للشخصية الراقية والمميزة تبشر بأب و سند لأسرته و لوطنه. الأكيد أن هذا المشهد الجميل هو تعب أيام و ليالي لأم وأب كان هاجسهم الأساسي التربية و الأخلاق قبل التعليم، فهذا الطالب المتفوق اخلاقيا و المختلف عن ابناء جيله بالتأكيد، لأننا اصبحنا نعاني من ندرة الأخلاق و المشاعر الطيبة و تقديم يد المساعدة بدون مقابل، فالتفكك الأسري المنتشر و اهمال الوالدين في مجتمعاتنا ساهمت في صناعة معاقين في بيوتنا وأقصد بذلك جيل معاق فكريا و اخلاقيا يجهل معنى المسؤولية و المساندة و روح التعايش و متعتها، جيل اصبحت حياته قائمة على الاتكال و الخمول و الدلال والأنانية.
مشكلتنا تبدأ من البيت، فالشباب في معظم الأسر لا يعتمدون على أنفسهم في حياتهم اليومية، يرمون كل أعباء البيت على الأم ابتداء من ترتيب الفراش و غسل الملابس و تجهيز الأكل الى ايجاد الحلول كل المشاكل، بينما هو شغله الشاغل هاتفه و فيسبوكه و تيكتوكه وعضلات جسمه لإثارة انتباه أفراد شلته، و تجده لا يميل الى التواصل مع اسرته إلا لو هناك مصلحة او مشكلة في النت ارغمته على مشاركتهم وجبة من الوجبات.
هؤلاء الشباب تجدهم أيضا لا يعلمون أي شيء عن الظروف الخاصة بالأب و الأم سواء إن كانت صحية أم مادية فالأهم بالنسبة لهم أن الطلبات كلها مجابة و بدون عناء أو شقاء، و يبقى الأب و الأم تحت وطأة المسؤوليات بدون مساندة الى أن يتقدموا في العمر فيفاجؤون بأنهم صنعوا اشخاصا معاقين فكريا وأخلاقيا لا يعتمد عليهم.
صناعة معاق ليس أساسها فقط اب وام تساهلوا في التربية، لكن القسوة المفرطة أيضا تساهم في خلق جيل معقد هارب من وجع ما و باحث عن الاحتواء، أيضا لا نستطيع ان ننكر مسؤولية المدرسة و دور وزارة التربية والتعليم في اختيار المناهج المفيدة التي تعتمد على اشراك الطالب في الحياة العملية.