مع حلول فصل الصيف وتوافد عدد كبير من المصطافين من داخل المغرب وخارجه على المدن الساحلية والمناطق الجبلية؛ تستفحل ظاهرة "مول جيلي" أو ما "أصحاب السترات"، ويكثر ممتهنو هذه الخدمات التي تقض مضجع أغلب سائقي وسائل النقل، الذين يجددون الدعوة إلى مقاطعة هؤلاء وعدم الانصياع لطلباتهم، من أجل تجفيف منبعهم والقضاء عليهم أينما كانوا، على اعتبار أن الشارع والأزقة فضاء عام ولا يجب استغلاله من طرفهم دون موجب حق. مجموعة فيسبوكية هذا الاستياء الذي عبر عنه غير ما مرة عدد كبير من المواطنين، دفع نشطاء إلى إنشاء صفحة فيسبوكية لمحاربة هذه الظاهرة، التي تثير حفيظة مستعملي السيارات حيثما حلوا وارتحلوا. المجموعة المسماة "ضد مول الجيلي" تهدف، وفق ما ورد في صفحتها الفيسبوكبة، إلى محاربة ظاهرة ما يصطلح عليه بالعساس، إذ إن هدفها هو شوارع وأزقة خالية وملك المواطن المغربي المساهم فيها بدفع ضرائبه. واستغل مواطنون كثيرون هذه الصفحة للتعبير عن تذمهم ممن سموهم "باردين الكتاف"، وسرد قصص وقعت لهم مع أصحاب السترات الصفراء، معبرين عن لاقانونية نشاطهم، الذي يتحول في أحيان كثيرة إلى الابتزاز والسب والشتم والنطق بالكلام النابي. محامون يزكون مطلب المواطنين هذا الوضع القديم/الجديد دفع عدة حقوقيين ومحامين إلى التدخل في الموضوع، وتزكية مطلب المواطنين بالنصوص القانونية، التي تجرم استغلال الملك العمومي وابتزاز المواطنين لأداء تسعيرة غير قانونية. ومن ضمنهم المحامي محمد ألمو عن هيئة الرباط، الذي سبق له أن أعبر عن استيائه من الظاهرة، مقرا أن أصحاب "الجيليات" يبتزون المواطنين، مشيرا في السياق نفسه إلى أن المجالس الجماعية لا يحق لها أن تبرم عقود كراء أزقة وشوارع المدن وباقي الفضاءات العامة لحراس السيارات. قصة سائح فرنسي مع "مول الجيلي" لا يقترن هذا الانطباع بالمغاربة فقط، بل يتجاوزهم إلى السياح الأجانب أيضا، إذ سبق لسائح فرنسي سنة 2019 أن كتب تدوينة على صفحته الفايسبوكية، يسرد فيها قصة معاناته مع أصحاب السترات الصفراء، وهي الحرف التي وصفها بكونها ستدرس عما قريب في الجامعات، وسيحصل على إثرها خريجوها على دبلوم "GILET". وزاد الفرنسي عينه المسمى J.c Mercier في التدوينة ذاتها أن ممتهني هذه الحرفة تكاد كل الأماكن لا تخلو منهم، من الشوارع والأرصفة والبنوك والمخبزات والمصحات، بل أكثر من ذلك، حتى الفضاءات التي لا تتوفر على منتزه تجدهم هناك يسلبون السائقين أموالهم. وأنهى الفرنسي تدوينته المطولة بالقول: "على الحكومة الإسراع إلى وقف هذا الطاعون، كما سماه، الذي يمس الصورة الجميلة للمغرب، مستدلا بأوروبا، حيث المواقف العامة والخاصة تؤدى خدماتها بالساعة، مما يخلق مناصب شغل للقائمين عليها، وما يوفر أيضا نوعا من السلم الاجتماعي، مشددا على ضرورة أخذ هذه التجربة الناجحة بعين الاعتبار". الأمن يتدخل بعد النداءات المتكررة للمواطنين الداعية إلى إنهاء محنتهم مع ممتهني حراسة السيارات في الأماكن العامة، تدخلت العناصر الأمنية في عدد من المدن لإنهاء نشاط هؤلاء، الذين غالبا ما يكونون إما مدمنين ويتعاطون المخدرات، وإما من ذوي السوابق القضائية في عدة أفعال إجرامية. هذا وتابعت النيابة العامة بفاس، في ماي المنصرم، عدة أشخاص من "أصحاب السترات" لتورطهم في استخلاص مبالغ مالية من أصحاب السيارات دون أي سند قانوني. مثل هذه التدخلات الأمنية والإحالة على القضاء ليقول كلمته في حقهم، هي ما ينادي مواطنون كثيرون بتعميمه في جميع المدن المغربية، حتى ينتهي كابوس أصحاب "الجيلي"، ويستمتع المغاربة حيثما شدوا الرحال للترويح عن النفس وتزجية للوقت.