منذ الوهلة الأولى، سيعتقد القارئ أنه أمام مقال ذي صلة بأصحاب السترات الصفراء بفرنسا، الذين احتجوا بشكل لافت للانتباه، بفعل زيادة أسعار الوقود والضرائب المفروضة عليهم، منذ شهور، ما جعل ماكرون يقدم تنازلات ضريبية، لإخماد نار الاحتجاجات التي كانت تغلي في الشوارع وتنذر بتبعات غير محمودة العواقب؛ بيد أننا أمام أصحاب "سترات صفراء" من نوع آخر وفي بلد شمال إفريقي. ومع حلول الصيف، ورغبة الأسر في قضاء العطلة بعيدا عن ضجيج العمل والروتين اليومي؛ تستفحل ظواهر مغربية ل"حرف" يمتهنها الشباب العاطلون المدن الساحلية والسياحية، من قبيل حراس مواقف السيارات، الذين يثيرون استياء المواطنين المغاربة والأجانب على حد سواء. وفي هذا السياق، كتب سائح أجنبي تدوينة على صفحته الفايسبوكية، يسرد فيها قصة معاناته مع أصحاب السترات الصفراء، وهي الحرف التي وصفها بكونها ستدرس عما قريب في الجامعات، وسيحصل على إثرها خريجوها على دبلوم "GILET". وأضاف المتحدث نفسه، دون أن يحدد المدينة التي عاش فيها قصته مع أصحاب "الجيلي"، أن ممتهني هذه الحرفة تكاد كل الأماكن لا تخلو منهم، من الشوارع والأرصفة والبنوك والمخبزات والمصحات، بل أكثر من ذلك، حتى الفضاءات التي لا تتوفر على منتزه تجدهم هناك يسلبون السائقين أموالهم. وسلط السائح المسمى J.c Mercier الضوء، أيضا، على ظاهرة التحرش التي تتعرض لها النساء من قبل هؤلاء الأشخاص، علاوة على الإهانة التي يتعرض لها الناس، متأسفا لكون السلطات تغض الطرف عن سلوكيات كهذه، التي تسيء إلى سمعة البلاد وتمس السياحة الوطنية. واسترسل قائلا، إنه سلك الطريق الساحلية دار بوعزة (ضواحي الدارالبيضاء)، فبدأ يحصي عدد أصحاب "السترات الصفراء" لمسافة كيلومترين، فوجد أن عددهم بلغ 51 شخصا موزعين على طول الطريق. واستطرد السائح ناصحا الحكومة والدولة، داعيا إياهما إلى الإسراع إلى وقف هذا الطاعون، كما سماه، الذي يمس الصورة الجميلة للمغرب، مستدلا بأوروبا، حيث المواقف العامة والخاصة تؤدى خدماتها بالساعة، مما يخلق مناصب شغل للقائمين عليها، وما يوفر أيضا نوعا من السلم الاجتماعي، مشددا على ضرورة أخذ هذه التجربة الناجحة بعين الاعتبار. وتجدر الإشارة إلى أن موضوع أصحاب "الجيليات" يستأثر باهتمام الرأي العام الوطني مع حلول كل صيف، لعدم تقنين هذا "الحرفة" التي تعاني التسيب والفوضى، وتتسبب للسائقين في مشاداة كلامية معهم، وفي بعض الحالات في اشتباكات بالأيدي، نتيجة ثمن التوقف لقضاء غرض ما. وفي حالات أخرى يتشاجرون في ما بينهم، لزعم كل واحد منهم أن الموقف خاص به دون غيره.