لعل المتتبع للأحداث السياسية, وحركية النخب الوطنية داخل المغرب قبل وبعد 20 فبراير, أو ما سمي ظلما بالربيع العربي, قد لامس تغييرات كبيرة لا يهم منحاها يمينا أو يسارا, صعودا أو نزولا, بقدر ما يهم الحركية والنشاط الملفت الذي وسمها. فقد تميزت الفرق الحزبية, قبل 20 فبرايربالتشابه رغم كثرتها- حيث لا يفرق بينها إلا متخصص أو من ينتمي لإحداها- بالإقبال وذروة التحركات و الأنشطة أيام الاستحقاقات, ثم بالكساد والجمود باقي الموسم, على اعتبار أن البطولة هاوية, ولم تلج عالم الاحتراف بعد. لكن, وبعد 20 فبراير التاريخ الذي حدده الشعب للفصل بين الهواية والاحتراف, تبدلت الأوضاع وأضحى للدوري نكهة أخرى بعد أن استقطبت الفرق وأنتجت مهاجمين لا يخشون مرمى الخصوم, ومدافعين يتقنون صد الهجمات والقيام بالمرتدات الخاطفة. بالاضافة إلى أن الفرجة المجانية والمباشرة ومن ملاعب ومنابر شتى أصبحت أكثر تشويقا واستقطابا للجمهور للسياسة -عفوا للكرة-. ومع دخول البطولة الاحترافية موسمها الثاني , كذبت الفرق الحزبية ما بشرت به, وخيبت الآمال المعقودة عليها, وخانت ما وعدت به. فدخلت في متاهات التصريحات والحروب الاعلامية على حساب الأداء و المردودية, حتى أن اللعب الغير النظيف تجاوز اللاعبين ليصل رؤساء هذه الفرق الذين تجردوا من الروح الرياضية والأخلاق الكروية و تلبسوا بالميوعة والابتذال و العشوائية بتبادل الاتهامات, والتخوين وحتى التهديد..كل ذلك أدى إلى عزوف الجماهير وعدم ثقتهم في منتخب الأغلبية لقيادة البلاد من السكتة القلبية التي تنتظره. والغريب أن هذا العزوف الجماهيري إن لم نقل سخطه وتذمره, والخيبات المتتالية سواء للمنتخب أو الفرق داخليا وخارجيا, وكذا ترتيب المغرب الذي لا يبارح أسفل سبورات جل الدوريات لم يزد هؤلاء إلا تشبتا بالرسمية أو دكة البدلاء على الأقل. كمن هم الوحيدون القادرون على تمثيل المغاربة ورفع علم بلدهم. ومهما كان من أمر فإننا نطالب هذا الشعب الذي تدخل في مسألة الهواية و الاحتراف بأن يوقف هذه الفرق ويحكم عليها بالنزول للدوري الثاني, ومنع المتورطين من ممارسة السياسة, وترك المجال لمن يجتهد و يستحق, حيث أن الغايات الكبرى من الأحزاب هي خدمة الجماعة والمجتمع لا في خدمة الأفراد والحسابات الشخصية.