لمهلة أقصاها 10 أيام، أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بوضع "حد نهائي" للعلاقات التعاقدية بين شركات جزائرية وما سماها ب"كيانات أجنبية معادية للجزائر"، وهو إجراء ينضاف إلى مجموعة كبيرة من المواقف العدائية المتراكمة والعلنية الصادرة عن النظام الحاكم بالجزائر تجاه جاره المغربي. لم يتحدث تبون عن طبيعة هذه الكيانات، كما لم تنشر وكالة أنباء الجزائر الرسمية هذا الخبر، ولم تصدر الرئاسة أي تعليق، بينما توجهت الأنظار نحو المغرب، جار الجزائر والمنافس الإقليمي الكبير لها، خاصة في ظل التحليلات والإشارات التي أوردتها وسائل الإعلام الجزائرية. ويعتقد محمد تاج الدين الحسيني أستاذ للعلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس أكدال أن القرار يستهدف المغرب، مرجعا ذلك إلى "المؤسسة العسكرية التي تهيمن على مقاليد الحكم في البلاد والتي سبق وأن أغلقت الحدود البرية بينها وبين المغرب". "العدو الكلاسيكي" ويقول الحسيني، في حديت لموقع "الحرة" الأمريكي، أن الجزائر "تتخذ موقفا من المغرب في العديد من القضايا، وعلى رأسها قضية الصحراء". وتساءل الحسيني "ماذا كنا ننتظر من دولة تعتبرنا عدوها الكلاسيكي، وترى أن أي نشاط اقتصادي مغربي في الجزائر ربما يعود بالفائدة على المغرب لكنه ليس من مصلحة الجزائريين". وأشار الحسيني إلى طرد مزارعين مغاربة من الجزائر، في مارس الماضي، حينما طلبت السلطات الجزائرية من آلاف المزارعين المغاربة الرحيل عن أراض يزرعونها في منطقة العرجة الحدودية. والأحد الماضي، ذكرت صحيفة النهار الجزائرية أن تبون أصدر توجيها رئاسيا للحكومة ولمسؤولي الشركات الاقتصادية بخصوص تعاقد مؤسسات حكومية وخاصة مع كيانات أجنبية. ويرى الحسيني أن مثل هذا القرار "يقر منطقا جديدا في التعامل مع المغرب، ويحاول فتح جروح وتعميقها مع جارتها إلى أبعد مدى". ويعتقد أن قرار الجزائر محاولة لإلهاء المجتمع الداخلي، حيث لم تتوقف الاحتجاجات الأسبوعية، التي تطالب بإنهاء الفساد والإطاحة بالنخبة الحاكمة القديمة وانسحاب الجيش من السياسة، إلا في مارس 2020 عندما فرضت الجزائر إجراءات عزل عام بسبب كوفيد-19. وأضاف الحسيني "الأحوال الاقتصادية متدهورة، والأنظمة الشمولية دائما تعود لآلة الحرب كنافذة يمكن فتحها لإعطاء نفس جديد لها في الداخل".
وتتعرض الجزائر التي يبلغ عدد سكانها 44 مليون نسمة والعضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) لضغوط مالية بسبب الانخفاض الحاد في أرباح موارد الطاقة، مما أجبر الحكومة على خفض الإنفاق وتأجيل بعض المشاريع الاستثمارية المزمعة التي تعهد تبون بتنفيذها.