بمبادرة وتنظيم من الفريقين الحركيين بمجلسي البرلمان، وفي إطار برنامجهما الاشعاعي والفكري، وبتعاون مع جبهة العمل السياسي الأمازيغي، احتضن مقر مجلس النواب ندوة فكرية حول موضوع: "ترسيم الأمازيغية رهان مؤسساتي"، وتميزت هذه الندوة بمشاركة عدة فاعلين سياسيين وبرلمانيين وفعاليات من المجتمع المدني والحركة الأمازيغية وخبراء وأكاديميين مختصين في المجال، وكذا عدة فعاليات إعلامية. وبعد الكلمات والعروض القيمة المقدمة في افتتاح الندوة وفق البرنامج المسطر، وعلى إثر نقاش عميق ومستفيض خلص المشاركون والمشاركات إلى ما يلي: أولا: تثمين هذه المبادرة النوعية والتي تندرج في إطار انفتاح المؤسسة التشريعية على محيطها المجتمعي، واستلهام تطلعات وانتظارات المجتمع المدني ومختلف الفاعلين في تجويد المهام الدستورية للبرلمان، وخلق جسر للتكامل بين الديمقراطية التمثيلية والتشاركية، والتعاون لصياغة تشريعات ذات نجاعة وجودة شكلا ومضمونا، وتكثيف الآليات الرقابية وتقييم السياسات العمومية، لاسيما في موضوع هذه الندوة التي ركزت بالأساس على التفعيل الأمثل للقوانين ذات الصلة والدفاع عن الأمازيغية من داخل المؤسسات. ثانيا: التعبير عن الاعتزاز بالمكاسب الدستورية المحققة لهذا المكون الهوياتي الأصيل، بفضل حكمة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، ونضالات الحركة الأمازيغية بمختلف مكوناتها، وهو ما حقق تحولا استراتيجيا في رؤية الدولة والمجتمع إلى سؤال الهوية، بتنوع مكوناتها وروافدها، وأفضى إلى دسترة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، وصولا إلى محطة الصياغة القانونية لهذا الترسيم. ثالثا: تأكيد المشاركين وهم يتدارسون هذه المشاريع القانونية، على ضرورة تحصين المكتسبات المحققة للأمازيغية بحرفها الأصيل "تفيناغ"، وفق مبادئ التوحيد والإلزامية والتعميم. وما ارتبط بها من مبادرات نوعية تجسدت في إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والحسم في حرف "تفيناغ" بتحكيم ملكي سامي، والشروع في إدماج الأمازيغية في التعليم والإعلام. كما أكد المشاركون والمشاركات على ضرورة جعل الأمازيغية بعيدة عن كل المزايدات السياسوية والإيديولوجية، والانتصار للمقاربة الحقوقية لإنصاف هذا المكون الهوياتي الذي طاله التهميش والإقصاء منذ عقود. رابعا: الاعتزاز بالمكاسب التي تحققت لفائدة الأمازيغية كهوية ولغة وثقافة مع التأكيد على أن الأمازيغية ذات بعد شمولي تطول كذلك الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وغيرها؛ وأن القوانين وحدها لا تكفي إذا لم يصاحبها التفعيل الحقيقي للأمازيغية لعل أبسط تجلياتها إقرار فاتح السنة الأمازيغية عطلة رسمية مؤدى عنها من خلال تعديل المرسوم ذي الصلة، معتبرين بأن هذه المناسبة ذات دلالة رمزية لتقوية الشعور بالانتماء إلى المغرب، ونبذ كل الإيديولوجيات الإقصائية. خامسا: اعتبار تجربة المغرب تجربة رائدة في مأسسة الأمازيغية، لكنها في حاجة إلى التسويق، كما أنها في حاجة إلى تجاوز الأعطاب التي تكتنفها، والمتمثلة أساسا في عدم التفعيل، بالإضافة إلى عدم مواكبتها ببناء الشخصية المغربية وتقوية اللحمة الوطنية، من خلال الدمقرطة وإحقاق الحقوق، بالنظر للمفهوم القيمي للأمازيغية التي تتطلب كذلك إعادة الاعتبار لدراسة التاريخ وتربية الناشئة على قيم التعددية والاختلاف والانفتاح والتركيز على الأمازيغية في القضاء والإعلام ومختلف دواليب الحياة العامة. سادسا: الإشارة إلى الواقع المزري لتدريس الأمازيغية، لاسيما على مستوى العدد المحدود لمدرسي الأمازيغية، وافتقار عدد كبير من المؤسسات التعليمية لمدرسي اللغة الأمازيغية؛ ناهيك عن ظروف الاشتغال وما يعانيه المتعلمون مما يسمى بالعنف الرمزي. وفي هذا الصدد، تمت المطالبة بتمييز إيجابي على هذا المستوى من خلال الرفع من عدد أساتذة تدريس الأمازيغية وتحسين ظروف تدريسها. سابعا: الدعوة لفتح جسور التعاون مع المجتمع المدني، مع التأكيد على ضرورة الاهتمام بالتاريخ الثقافي الذي طغى عليه التاريخ السياسي، وترجمة المغرب الدستوري الجديد الذي صحح تاريخ المغرب الممتد في تاريخه وهويته، علاوة على الاستثمار في هوية الإنسان كمرتكز لجميع السياسات العمومية، والدعوة إلى ضرورة استحضار كل النصوص القانونية المحالة على البرلمان للغة والثقافة الأمازيغية، وتعديل مختلف القوانين التي تكرس دونية الأمازيغية. التقرير من إعداد عبد الرحيم بوزيان مدير الفريق الحركي بمجلس النواب