لم تمر "كشكشة" البوجادي إدريس الأزمي أمام لجنة المالية في البرلمان دون أن تثير القيل و القال، و قد استرعى انتباهي بعض الملاحظات سأسردها على التوالي : - أولا : زمجرة العمدة و النائب البرلماني جاءت لتغطي على تناقضات فريق الباجدة، الذي صاغ رفقة فرق برلمانية أخرى مشروع قانون يرسخ لتقاعد السياسيين ثم انسحب منه بعدما تبين أن الموجة الشعبية تسير بالإتجاه المعاكس، خاصة بعد نجاح حملة المقاطعة.
- ثانيا : "تخراج العينين" الذي أفلح فيه النائب على من سماهم المؤثرين، كان يجب أن يقوم به أمام لوبيات الفساد و الريع الذين يعرفهم جيدا، أما المؤثرون و رواد الفضاء الأزرق فهم يمارسون حق التعبير عن الرأي المكفول دستوريا. و هو اعتراف ضمني بأن الأحزاب و التقابات فشلت في مهمة التأطير و أن العامة تثق في الرأي الفيسبوكي و لا تثق في زابور الكهنة. و لربما نسي العمدة أن جزء من الصراع الإنتخابي في أمريكا اليوم يدار عبر منصات التواصل الاجتماعي، فالحمد عليها نعمة.
- ثالثا : الأسلوب الزنقاوي الذي خرج به الأزمي متهما غيره من المؤثرين كما سماهم بالتشويش و نشر المغالطات يعكس روحا قمعية و استئصالية، و لا أستبعد إن فاز الباجدة بولاية أخرى أن يمرروا قانون تكميم الأفواه، فالسلطوية لها أوجه عديدة و أقبحها تلك النابعة من الأحزاب الداعية إلى الحرية و الديمقراطية.
- رابعا : الأزمي الذي يعيش أزمة مع نفسه، و بلغته أراد أن يغمق على المغاربة هو يجمع على الأقل بين تعوضي البرلمان و عمادة فاس،( و هو بذلك ليس الوحيد ) يضرب المثل في اللهطة التي تتلبس بأغلب السياسيين من كل المشارب و الإتجاهات حين يتولون المناصب. و قد قالها زعيمهم الذي علهم السحر بنكيران أنهم جاؤوا كذلك ليرقعوا الحالة فاشتروا السيارات الفارهة و الفيلات بل و منهم من غير زوجته تبعا لقاعدة تبدال العتبة.
-خامسا : ريع تقاعد السياسيين جزء من ريع أكبر يشمل مقالع الرمال و النقل و الصيد و ما نعرفه و ما لا نعرفه من أوجه صرف المال العام بدون وجه حق. قد يكون الأمر مفهوما بالنسبة للسياسيين الشرفاء لكن الأثرياء منهم و من اغتنوا من مناصبهم، فلا أرى مبررا لاستفادتهم من معاشات
طيلة الحياة. خاصة و أن نسب الفقر في تزايد مطرد.
- سادسا : يعتقد السيد النائب أن عدم التربح من منصبه كعمدة مبرر كاف لحصوله على تعويضات" قانونية" سمينة على عدة مهام تمثيلية و قد حرص على وصفها بالقانونية، لكن ليس كل ما هو قانوني أخلاقي. ثم إن اللبس الذي تعمد أن "يغمق" علينا به حضرة العمدة كون جميع الموظفين يحصلون على أجر لقاء أعمالهم و هذا صحيح، لكنك " أ البوجادي" في مهمة تمثلية لم يضربك أحد على يدك لتتحمل مسؤوليتها.
الحاصول.. الأزمي و غيره كثير ممن ينتفعون من الريع، و تعويضات و معاشات السياسيين فيض من غيض لريع ينخر جسم المالية العامة التي يُنظر إليها كبقرة حلوب. ثم حين تسأل عن عزوف الشباب عن المشاركة السياسية فأمثال هذه الطبقة السياسية هم من يجعلون المرأ ينفر من جلده فما بالك بالسياسة