طالما سكان العرائش اشتكوا ، بكوا ، ناحوا .. على وضعية مدينتهم " العرائش " التي كان عمرانها يُبهر الزائر من داخل المغرب و خارجها من هندسة أحيائها سوءا في محيط المدينة القديمة أو الجزء الموريسكي منها أو حتى أحيائها الصفيحية ، حيث كانت تشملها ثقافة التناسق و النظافة و البساطة معا ، إلا أن ظواهر التراجع العمراني و الحضاري جعل منها حالة استثناء بين مدن المغرب قاطبة حتى لا نذكر المدن الكبرى ك" إفران " و " أصيلة "..كنماذج تعبر عن حسن نية مدبري شأنها المحلي . لقد عرفت العرائش مسلسل تريفي ابتدءا من اعلانها اقليما بداخل حوض " اللكوس " ، و بعطف الله وحمده استفادت العرائش _ المدينة المنكوبة _ في أواسط التسعينيات بأغلفة مالية لا بأس بها كي تكون مدينة ذات قطب سياحي ، اذ أن العكس هو ما حصل بفعل ضخ هذه الأموال في ميزانية " تأهيل العرائش " تَّم هَدم جميع معالمها الجميلة و التاريخية و ان كانت تؤرخ لفترة الاستعمار كانت جماليتها تُنسينا في ذلك ، تَّم هدم " ساحة اسبانيا " ( ساحة التحرير حاليا ) توأم لأجمل و أروع نافورات عاصمة الأندلس " اشبيلية " تلك النافورة التي تم تدشينها يوم عقيقة المغفور له الحسن الثاني ، حقا .. كانت آية في الجمال و الدقة العالية في علم الهندسة و الفلك و رسومها الزجلية الخلابة و حوضها العائم تغمره أصناف نادرة من سمك الماء الحلو و ساعة شمسية عمادها اثنى عشر نخلة ... للأسف و الويل كل الويل الذي قرر تبذليها بنصب مقياسه البشاعة و بؤرة النتانة و المياه الراكدة زادت من تفريخ الناموس ..، فبغض النظر عن هذه المرحلة و ر جوعا إلى الحقبة السيئة المتلاحقة من تدبير الشأن العام المحلي لهذه المدينة المنكوبة ، جاءتها أظرف مالية اخرى يعود فضلها إلى الادارة المركزية لوزارة الداخلية خُصصت لتأهيل المدينة فدكت على ما أعتقد في عهد العامل " بوسيف " الاهم ! تغيرت ، فحلت محلها نافورة عبارة عن صحن اسمنتي لا يسمن و لا يغني من جوع ، ناهيك عن ساحة اخرى يطلق عليها يا حصرتاه " ساحة الشهداء " و كانت تجسم قصة الكاتب الاسباني " سيرفانطيس " ، ومن أغرب التصاميم الهندسية أن وضع المسؤول في وسطها ساعة مشلولة العقارب كرطونية من النوع الرديئ و رخام كئيب ينم عن شخصية مسؤوليها الهندسيين و المقررين السياسيين مجلسا و عمالة هي بدورها هذا المسخ شكلت بؤرة لتفريخ الحشرات ... فحتى فكرة تخصيص جزء من شارع " الحسن الثاني " إلى الراجلين بواسطة الاسمنت المطبوع لَهُوَ آية في البشاعة و سوء التدبير العمراني و الحضاري ..، فربحا للوقت و الكف عن التوصيف الذي يتعب البدن و الرأس نقول للسيد العامل الجديد في ملف تأهيل المدينة أنّ : في زمنكم ارتكبت نفس الأخطاء و تكررت ، فالمقاولات التي تم اختيارها لإنجاز المشروع الثالث التي تحظى به المدينة داخل أربعة عقود الاخيرة ، هذه المقاولات لا ترقى إلى مشاريع تأهيل المدن بحجم مدينة العرائش الجميلة التي تستحق خيرة التقنيين و المهندسين و المُعينين و المنتخبين نظرا للقيمة الجغرافية و التاريخية و الأغلفة المرصودة لإعادة الاعتبار لهذا الحيز الجغرافي المنكوب . السيد العامل المحترم بكل صدق : عكس المقاولات المتعاقدة مع العامل الرائع " نبيل الخروبي " نلاحظ أن الذين يشتغلون داخل الأوراش التي أعطيتم انطلاقتها لا يعملون وفق الشروط البدائية للسلامة الصحية و لا أحد يرتدي خوذة الوقاية أو حتى لباس يوحي بنجاعة المقاولات المشغلة بل أكثر من هذا و لا ورش من هذه الأورشة يتوفر على خلاطة ميكانيكية للإسمنت ، فالعمال يستعملون أسطال لجلب المياه من المواطنين المجاورين و المحلات مستعملين مجارف الكابروك على عتبة هذا الجوار ... من جهة اخرى ورشات التأهيل تعمل في سيرورة همجية بدائية كل منها على حِدة ، فالمكلفين بمد أنابيب الصرف الصحي يقومون بالحفر دون تغطيتها و إن تم ذلك فيرجعون الرمال المستخرجة فقط تاركين الغبار يتصاعد كمساهمة منهم في تلويت الفضاء في زمن " كورونا " ... آخرون يعملون على وضع شبكة الانارة العمومية حيث يقومون بنفس الزلة ضاربين عرض الحائط صحة و سلامة المارة و الجوار ، أما الفرق المكلفة بالتبليط فلم تقم بأشغالها إلا بعد ربما شهرين أو أزيد من الورش كشارعي " علال بن عبد الله " و " محمد بن عبد الله " كنموذجين .. بالتالي : _ هل دفاتر التحملات لا تُحترم بفعل فاعل ؟ أم أنها تنص على ذلك ! _ أين يكمن المشكل : هل في السيد العامل ؟ أم في طاقمه التقني الموكل له مراقبة الأشغال و رفع التقارير بتقدمها و جودتها ؟ _ فهل من مسؤول له غيرة على هذا الوطن الحبيب ينكر يوم ما ذاته و يرضخ إلى التعليمات الملكية السامية ! لنا عودة في الموضوع .