تداول العديد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة نساء ورجال التعليم مخاوفهم من المقصود من عبارة "مأسسة التعليم عن بعد" التي وردت في خطاب وزير التربية الوطنية والناطق الرسمي باسم الحكومة سعيد أمزازي؛ إذ اعتبر بعض هؤلاء أن مأسسة التعليم عن بعد إنما هي قنطرة جديدة لتخريب ما تبقى من المدرسة العمومية، وذلك بالضرب في مبدأ تكافؤ الفرص والقطيعة مع مجانية التعليم؛ حيث ستجد معظم الأسر نفسها ملزمة بتوفير كل مستلزمات التواصل عن بعد من أجهزة إلكترونية وصبيب عال من الإنترنيت... وهو الأمر الذي تبين أثناء فترة الحجر الصحي بكون العديد من الأسر لم تتمكن من توفير كل المستلزمات المؤمنة لتعليم أبنائها عن بعد، ناهيك عن كون بعض المناطق لا تشتغل بها أي شبكة من شبكات الاتصالات الأمر الذي نتج عنه حرمان عدد كبير من التلاميذ من متابعة الدروس وبرامج الدعم المجدولة عن بعد. لكن الناظر في خطاب الوزير بحتمية الظرفية وما تقتضيه من مواكبة التطورات التي يشهدها العالم كظهور فيروس "كورونا" الذي لم تستطع أي جهة لحد الآن التعرف على خصائصه ولا مميزاته مما يجعل احتمال ظهوره من جديد والتعايش معه لفترة طويلة من الزمن أمر وارد جدا. فالناظر لخطاب الوزير بمنطق هذه الاعتبارات، يجد أن الوزارة ملزمة بمأسسة التعليم عن بعد لعدة اعتبارات أهمها : أولا : في حالة استمرار الحالة الوبائية بالمغرب أو ظهور وباء جديد يلزم المواطنين بالمكوث في منازلهم، لا يمكن للوزارة الوصية أن تلزم لا الأطر التربوية ولا الإدارية بتقديم الدروس عن بعد كما لا يمكنها إجبار التلاميذ بمتابعة هذه الدروس في غياب نص قانوني يؤطر عملية التعليم عن بعد. ثانيا : غياب الفراغ التشريعي للتعليم عن بعد تسبب في العديد من المشاكل للمؤسسات التعليمية الخاصة؛ إذ لم يجد أرباب هذه المؤسسات أي سند قانوني يقنعون من خلاله آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بأداء واجبات تمدرس أبنائهم عن بعد، الأمر الذي أدى بالمقابل إلى تملص بعض المؤسسات من أداء أجرة الأطر العاملة بها من أساتذة وإداريين ومربيين ومساعدين. من خلال ما سبق، يتضح أن الوزارة الوصية ستقدم عاجلا أم آجلا على مأسسة التعليم عن بعد للاعتبارات السالفة الذكر، لكن ستجد نفسها ملزمة إن أرادت نجاح هذه العملية بنسبة لا يمكن نهائيا ان تصل إلى نسبة نجاح التعليم الحضوري، بتوفر الشروط التالية: 1 - مأسسة التعليم عن بعد يجب أن تكون أمر استثنائيا لا يلجأ إليه إلا في الحالات التي تحول فيها ظروف قاهرة (كالحالة الوبائية التي تعيشها معظم دول العالم اليوم) للقيام بعملية التعليم الحضوري. 2 - القيام بدورات تكوينية لفائدة الأطر الإدارية والتربوية لمواكبة عملية التعليم عن بعد. 3 - توفير العدتين البيداغوجية واللوجستية من حواسيب ولوحات إلكترونية لفائدة التلاميذ والأطر التربوية والإدارية إضافة إلى تأمين اشتراكات من حصص الإنترنيت لكل المتدخلين في عملية التعليم عن بعد.