اتخذت ظاهرة التسول في المغرب منحى خطيرا حيث أصبحت تشكل تحديا قويا للحكومة المغربية في مواجهتها و الحد منها. و قد أضحت المدن الكبرى قبلة لكل من تاهت به الطرق في البلاد. و للتسول طبع خاص في طنجة فقد أصبحت مهنة مربحة و يجد غالبية ممتهني هذه الحرفة طريقا سهلا لكسب المال دون عناء في حين نجد أن الطبقة التي تعاني و تحتاج للمال حقا لا تمديدها طلبا للعون إل إذا انقطعت بهم السبل.
و تعتبر طنجة عاصمة لكل من انقطع عنه المال, فإلى جانب الهجرة الداخلية إلى الشمال طمعا في إيجاد عمل جيد و تحسين الدخل الفردي فإن المدينة لم تسلم من الهجرة الخارجية خاصة أنها تعرف تدفق عدد كبير من المهاجرين الأفارقة الذين يطمحون في العبور إلى الضفة الأخرى, الذين قضى معظمهم سنين طويلة متنقلا بين شوارع و أحياء المدينة طلبا للعون, فالبعض منهم يبحثون عن قوتهم اليومي و الأخر يبحثون عن مال لعل يساعدهم في الرجوع إلى بلدهم الأصلي بعدما تبخر حلمهم في العبور.
و لأن كل مهنة تتطور بتقدم الزمن, فإن التسول أصبح يعتمد على وسائل و طرق جديدة تعودنا على مشاهدتها كل يوم في شوارع و أزقة و المدينة. فقد اتخذ غالبية المتسولين من إشارات المرور مكانا دائما لهم من أجل ممارسة حرفتهم, مرفقين بأطفال صغار و أحيانا معوقين من أجل كسب تعاطف المارة و مدهم ببعض الدراهم. كما أن مقاهي وسط المدينة أصبحت معتادة على استقبال فئة خاصة من المتسولين تعمد إلى طبع مقولات دينية مؤثرة أو آيات قرآنية أو أحاديث نبوية تدعو إلى مساعدة الفقير و المحتاج..فمن أجل إتقان عملها تقوم هذه الفئة إلى وضع مطبوع على كل طاولة و تركها للدقائق حتى يتسنى لمرتادي المقهى قراءة محتوى الورقة ثم يقوم المتسول بجمع الأوراق مع بعض الدراهم..
و من المواقف التي تثير استغراب البعض هي عندما يستوقفك شخص في الشارع و يبدأ بالحديث عن مشاكله و ظروف عيشه فيفاجئك بطلب بعض الدراهم كي يعود إلى مدينته أو ليعيل أسرته مع أن شكله الخارجي و لباسه لا يوحيان بأنه إنسان محتاج..
باختصار, استفلحت هذه الطاهرة مدينة طنجة و أصبحت تشكل تحديا أساسيا في مواجهتها و لها انعكاسات سلبية على المجتمع و صورة المدينة في الخارج و بالتالي فعلى المعنيين بالأمر إيجاد حلول للحد من انتشارها.