يحتفل العالم يوم 12 ماي كل سنة باليوم العالمي للتمريض، حيث يعترف فيه بدور الممرض في رعاية الصحة العامة . و هذه السنة استثنائية، لكون جائحة كورونا ضربت العالم بقسوة فأبان ممرضو و ممرضات العالم عن حس إنساني منقطع النظير في التفاني في خدمة المرضى و رعايتهم. في هذا المقام، لا يهمنا أصل الاحتفال و لا أول من احتفل و لا حتى مؤسس التمريض. ما يهمنا هو وضع الممرض المغربي الذي يعد أكثر الفئات تواجدا بالمستشفيات سواء منها العامة و الخاصة، و يشكل الممرضون 50 في المائة من القوى العاملة في المجال الصحي عالميا.
و في كل دول العالم يتم مكافأة هذه الأطقم، فقد أعلن وزير الصحة الفرنسي في 15 أبريل الماضي عن تقديم علاوة للأطباء و الممرضين تتراوح ما بين 500 و 1500 يورو، و في مصر تقرر صرف مكافآت للعاملين في الخدمات الصحية تقديرا لما يقدمونه من تضحيات. و في الجزائر قرر الرئيس منح سنة أقدمية تحتسب في التقاعد لكل طبيب أو ممرض قضى شهرين و هو يعمل ضمن الطاقم الذي يتصدى للوباء. أما في المغرب فتم الاقتطاع من أجورهم بدعوى المساهمة في صندوق مواجهة كورونا. هؤلاء ساهموا بأرواحهم و أوقاتهم و عطلهم وحريتهم و الكثير منهم لم يعد يرى عائلته لأسابيع، ناهيك عن الضغط النفسي الناتج عن شروط العزل و التخوف من التقاط العدوى ،فكيف بعد كل هذا يقتطع من أجورهم؟
إن المنظومة الصحية المغربية عانت و ما زالت تعاني من السياسات الحكومية غير المسؤولة تجاهها. و قد طالبت الجمعية المغربية لعلوم التمريض باتخاذ اجراءات سريعة و فعالة من أجل توظيف العدد الكافي من الأطر الطبية و خاصة بعد ازدياد حالات الاصابة بكورونا، حيث يصل النقص وطنيا في أعداد هذه الأطر إلى 64 ألفا.
و ما زالت الحكومة لم تستجب لمطالب إحداث هيئة وطنية لفئة الممرضين و تقنيي الصحة، كما أنها لم تسارع إلى المصادقة على القوانين التنظيمية التي تنظم المهنة و على رأس هذه القوانين مصنف الكفاءات و المهن الذي سيحد من ممارسة المهنة من قبل دخلاء و خاصة في القطاع الخاص.
و هناك مطالب بالرفع من قيمة التعويضات عن الأخطار المهنية و خصوصا في هذه الظرفية التي يخاطرون فيها بحيواتهم، و مطالب بإقرار ترقية استثنائية لفائدة الممرضين ضحايا قانون 35-7-535 ، و كذا الرفع من الكوطا المتعلقة بالترقية و اعتماد 4 سنوات للكفاءة المهنية عوض 6 سنوات كما هو الحال بالنسبة لفئات أخرى في القطاع نفسه.
إن أزمة كورونا ردت الاعتبار لملائكة الرحمة و منحتهم النياشين و الأوسمة بعدما عانوا و لعقود من اتهامات الاهمال و التكاسل. إن الأطقم التمريضية و الطبية و التقنية و العاملين في المستشفيات هم أبطال الحرب الحقيقيون. و إن كانت الدولة تريد الخير حقا لمواطنيها فيجب الاعتناء بهم و ذلك بإحداث مناصب مالية كافية تستوعب أعداد الخريجين و خاصة أن المنظومة الصحية يعتريها نقص هائل.
إن أي بلد يعتزم النهوض بأوضاع المواطن و يريد إرادة حقة التقدم و التطور، يلزمه أن ينظر بجد إلى منظومتين قبل غيرهما هما : التعليم و الصحة. و كل القطاعات الأخرى يجب أن تكون في خدمتها لأنها هي الأساس.