مررت يوما بالمكان نفسه.. وعيني على طريق طويل ممرت منه منذ زمان.. وكلما تحركت عجلة الزمان كلما تذكرت خبث بني الإنسان وظلمه، وحبه لنفسه وغروره بمتاعه الزائل..الذي لا يعدو أن يكون طيش وأنفة وغرور يتلهى به العمر على مرِّ الزمان..وكيف يتحول رهط من بني البشر إلى قطيع ذئاب تفترس وتنهش ولا تبالي بضيق مساحة العيش وقصر حياة البشر فوق تربة ينالها النسيان ..!!؟؟ - هي حياة نراها قصيرة مهما طالت تدون في سجين مرقوم لن يمحى أثر ظلم سجل فيه إلى يوم يبعثون .!!؟؟
- هو ظلام لا و لن يطول ؛ فمن عباءاته سرعان ما ينبلج النور الساطع الذي ينزل من السماء..!!؟؟
- وتلك وجوه بأقنعة نفاق شتى؛ تلبس حينما تشاء وتزال حينما تشاء..!!؟؟
- كل شيء في حياتنا نلبس له ثوبه ونستعمل له لغته التي تناسبه ..!!؟؟
نعم ؛ كلما وطأت قدماي المكان عينه ، تذكرت..ويا ليتني ما تذكرت ..!!
مرَّت أمامي صوركثيرة وبالوجوه نفسها وظلمها ، وقلت في دواخلي اُنْظُرْ يا صاح..!!
- وها هي إنسانية الإنسان، قد دفنت في الوحل مع الزمان..!!
- وها هو الباطل قد صنعوه كي يزاحم الحق من نفوس مظلمة تحمي صنيعها بقهر الظلم والظلام..!!؟؟
- حياة كلها مظاهر يحكمها سلطان النسب والحسب والمال..!!؟؟
إنها حياة جديدة وفريدة من نوعها، وقد تحولت لغابة يحكمها ويحميها قانون الأقوى..فمن غلب افترس..ومن استطاع الرَّوغان رَاغَ..وكلما مررت بخشخشة هنا وهناك تخيلتها معركة ضارية تدور رحاها بين قوي متسلط ظالم وضعيف مسالم نحيف .. ومن أراد الصدق وقول الحق في هذا الزمان، نالوا منه حقه بأية طريقة شاؤوا ..ومتى شاؤوا..وبأية طريقة يصطنعونها ..وبأي سيناريو محبوك يمررونه ..ويبحثون له عن قصة حبكوها كي يمرروا تهمهم الباطلة في حقه، وهو المظلوم في نظر ربِّ السماء ، ولا بد أن يأتي اليوم الذي ينصر فيه
، ويؤخذ له حقه بأية طريقة شاءها الرحمان، بعدما يطمئن الظالم بأن فريسته قد قضى عليها نهائيا ، وطويت في عالم النسيان، ونسي بأنه ما زال يمشي على قدمين فوق تراب القاهر لعباده بالموت، والقرار يبقى حينها معلقا إلا حين يأتي أجل لا يعلمه إلا رب الكون والجن والإنسان...!!
- هو غرور تربَّى في بعض النفوس المريضة، وأمست الأنانية تحكمه..!!
- هي سعادة نُمَشِّيهَا على اَلدَّوْسِ على كرامة وإنسانية الإنسان، كي نُظْهِرَ للآخر بأننا في القمة ولا أحد يستطيع أن يسابق غرورنا وأنفتنا وسطوتنا مهما كان..!!؟؟