إن الروابط التي تجمع بين العرش والشعب متعددة و متنوعة منها التاريخي و الثقافي و الشرعي و الدستوري و السياسي و الاستراتيجي لكن على العموم يبقى الرابط التعاقدي بين ولي الأمر والرعية هو الاقوى و الاقدس بينها. إن عقد البيعة الشرعي هو الميثاق الذي يجمع بين ولي ولاة الأمور من الحكام و العلماء و نواب الامة و الشعب، ميثاق ترابط مبني على الايمان و الرضى و النصح لله و النصرة و الولاء و البراء، ميثاق يسمح للامة باختيار ولي امرها تجتمع عنده كلمتهم و يرفع عنهم الخلاف و يجنبهم الفرقة و يجمع شملهم ويوحد صفهم وإليه تؤول كلمة الفصل التي اجتمعوا عليها في السلم والحرب في المكره والمنشط.
و يقتضي وجود هذا الشكل الحضاري للحكم وصاية بولاية العهد ضمانا الانتقال السلس للسلطة و تحييدها من العبث و تبرئتها من النزاع المفضي للشقاق و مدفعا للنفاق الذي هو أصل البلاء.
و في هذا السياق تلعب صلوات الجمعة و الجماعات دورا في تجديد روابط البيعة الشرعية بالدعاء لأمير المؤمنين.
لذلك يحرص امير المؤمنين نصره الله كما أسلافه بأداء صلاة الجمعة خلال الزيارات التي يقوم بها لمختلف مناطق المملكة، كما يحرص جلالته بالظهور خلالها باللباس التقليدي المكون من جلباب و عمامة تليق بحضرة المناسبة و عظم الموقف في إشارة واضحة برسميتها و مكانتها كبيعة صغرى تجمعه برعاياه الأوفياء، و يستدل على ذلك حضور ولي العهد الى جانبه بالاضافة الى وفد رفيع المستوى من الأمراء و كبار رجال الدولة و الحكومة و المسؤولين، كما يعد دعاء الفاتح الذي يختم به أمير المؤمنين هذا المجلس المبارك تطابق الرضى بينه وبين رعيته في انسجام تام.
هذا ويعد كتاب البيعة الشرعية المنعقدة لأمير المؤمنين بعد انتقال والده المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه مظهرا من مظاهر البيعة الكبرى الخاصة بتنصيب ولي الأمر، و تجددها خلال مناسبة عيد العرش، أو (بيعة صغرى) مستمرة في كل المناسبة العامة او الخاصة و رفع برقيات الولاء من مختلف الإطارات و الفعاليات و المنتشرة عبر تراب المملكة و خارجها بالسفارات و القنصليات و أفراد الجالية المغربية بالخارج و المنتخبات و الابطال المشاركة بمختلف المحافل والدوريات و البطولات الإقليمية و القارية و الدولية حين رفع العلم الوطني.
هذا و تعد الزيارة الملكية الميمونة لجهة سوس ماسة انموذجا حيا لتجديد رباط البيعة بالإضافة الى الى ابعادها الاقتصادية و الاجتماعية و التنموية و ما تحمله من اعطاء دفعة جديدة لمسار مغرب متجدد مساير للدينامية التي يشهدها العالم، و ايضا في افق جهوية متقدمة بخلق اقطاب اقتصادية متكاملة و وازنة باطلاق مشاريع مهيكلة و باستثمارات مهمة تروم كل المجالات وفق رؤية مولوية حكيمة و مساع سديدة للنهوض بكل الطاقات و تعبئة كل الامكانيات و اطلاق المبادرات و حفز روح الخلق و الابداع للرقي بمستوى المعيشة و العناية بالفئات الهشة و تعزيز نظام الدعم و التكافل و التضامن.