ما نلاحظه ونلمسه ونعيشه عبر أكثر من منصة اجتماعية، وخاصة المعروفة منها كالفيس بوك والتويتر وأنستغرام هو هيمنة التقاط الصورة الشخصية وما يعززها من لحظات حميمية في عناق مع الطبيعة أو خلال تواجد عابر في أماكن خاصة وعامة سواء في كذا اجتماعات أو لقاءات أو جلسات لروادها، وعلى اختلاف المراتب الاجتماعية من مهندس.. طبيب ..أستاذ.. فنان ..رياضي..مسرحي إعلامي..حلاق ..فلاح ..مغني واللائحة تطول.. إنها الثورة الرقمية التي تحملنا لعالمها الممتد و بدون استئذان، وهي تسلب إرادتنا كأشخاص وجماعات بل كشعوب أومسؤولين حتى،وذاك يمتد من رأس الهرم الإجتماعي مرورا بوسطه وصولا لأسفله ، والكل أمسى ينتسب إلى عالم وعوالم الكائنات الرقمية ولن نقول الفضائية ، وهو مهووس وبشكل غريب، يحسب ويحصي عدد المحبين والمعجبين والمشاهدين مناصفة بكذا صورة نشرها أو لمشهد أو فيديو ثم إنزاله عبر محيطه بأحد المواقع الاجتماعية وللمحيط الأزرق في ذلك حصة الأسد ..
وأنت تتابع وتتفحص وجوها عديدة، كأنك في ساحة يوم الحشر..!!
فهذا وجه أستاذ جامعي معروف.. والآخر لدكتور في تخصص كذا من التخصصات..
وهذه مناضلة حزبية ونقابية والأخرى برلمانية قديمة..
وذاك مهندس أوإطار بنكي أوكاتب أو شاعر أومغني..
الكل يتزاحم ويتدافع كي تجد صورته أو لقطة عابرة له، مكانتها الرمزية عبر هذا الفضاء الاعتباري ، صحبة وجه من الوجوه الفكرية والثقافية والفنية والسياسية والإعلامية المعروفة وطنيا أو عربيا أو عالميا. وقد تمثل له تلك الصورة الشيء الكثير عبر منصات التواصل الاجتماعي ..!!
- فماذا نريد يا ترى أن نُوَصِّلَ للآخر عبر تلك الصورة التي التقطناها صحبة فلان أو ترتلان ؟؟
- وهل هو نوع من إعطائنا للذات رمزية ما، قد نزيدها اعتبارا في موقع يزوره الكثيرون من الزوار عبر أنحاء المعمورة ؟؟
إنه الزمن المجنون للصورة وهيمنتها على عقول البشر، بحيث أمست ذات قيمة كبرى في نفسية ملتقطيها، وذلك عن طريق هيمنتها على الوجدان النفسي والفكري والعقلي
والإدراكي للبشر في زماننا هذا..!! لذلك أمسى الإنسان يعرض نفسه ومحيطه العائلي أو الأسري وانشغالاته اليومية عبر المحطات التواصلية كبضاعة من البضائع من أجل الترويج للذات، وكسب الشهرة و المزيد منها، والظهور بمظهر الإنسان الحداثي والمنفتح الذي يواكب عصره، ويندمج فيه ولو بشكل خارج عن تقاليده وطقوسه وأعرافه الاجتماعية التي تربطه بأصوله وجذوره المحلية والوطنية، وقد يعتبر ذلك استيلاب فكري وثقافي جديدين،وبوسائل تكنولوجية ورقمية من إنتاج ثورة الواحد والعشرين وبهيمنة الأقوياء عبر العالم بأسره شرقه وغربه وجنوبه..!!