من جديد اشتعل النقاش القديم الجديد حول الحجاب بالأوساط السياسة الفرنسية، وبدأ ينحو نحو اتجاه أشد ضراوة من السابق، والمناسبة واقعة إقدام جوليان أودول، خلال انعقاد اجتماع للمجلس الإقليمي لمنطقة "بورغون فرانش كونتي"، دعي إليه تلاميذ مع أمهاتهم، ليطالب سيدة محجبة ترافق ابنها في نزهة مدرسية أطلق عليها وصف "جمهوريتي وأنا"، بأن تنزع حجابَها باسم "مبادئنا الجمهورية والعلمانية". الأم واسمها فاطمة رفضت الأمر وهي تضم ابنها الذي لم يَكف عن البكاء، لتنتشر صورها في مواقع التواصل الإجتماعي وتثير احتقانا كبيرا بالتزامن مع رفض أودول الاعتذار، علما أن القانون الفرنسي لا يحظر دخول نساء محجبات إلى اجتماعات المجالس الإقليمية، رغم أن تعديلا قُدم للبرلمان موخرا لحظر النزهات المدرسية على الأمهات المحجبات، لكنه رُفِض. لكن "الهوَس الفرنسي" حول الحجاب، كما عنون موقع "ميديا بارت"، عاد من جديد، ليس فقط إلى وسائل الإعلام وتصريحات السياسيين اليمينيين، بل ولمكونات الحكومة الفرنسية نفسها والتي يرى الفرنسيون المسلمون أنها غير منسجمة في مواقفها من القضية. وزير التربية الوطنية، جان ميشيل بلانكي، كرر أكثر من مرة أن "الحجاب غير مرغوب فيه في المجتمع، ولا يعتبر شيئا يمكن التشجيع عليه. القانون لا يحظر على الأمهات المحجبات مرافقة أبنائهن، ولكننا لا نأمُلُ التشجيع على الظاهرة"، ليطلق عليه البعض في مواقع التواصل الاجتماعي لقب "وزير الإسلاموفوبيا". مواقف بلانكي القادم من اليمين لقيت ترحيباً كبيرا من زميله وزير الاقتصاد، برونو لومير، وهو أيضا قادم من اليمين، الذي قال: "لا أعتقد أنه من المرغوب فيه غدا أن تكون في المجتمع الفرنسي نساءٌ محجبات"، رغم أن الناطقة باسم الحكومة، سيبيث ندياي، وهي من أصول سنغالية، دافعت عن حق المحجبات في مرافقة أبنائهن في النزهات المدرسية، مشددة على أن موقفها "شخصي"، وأن الاندماج "هو السماح لنساء منغلقات بالاحتكاك مع نساء أخريات". ومن جانب آخر نشرت 90 شخصية من الممثلين والمثقفين نداء لرئيس الجمهورية احتجاجا على ما تعرضت إليه السيدة المحجبة، فيما تصاعدت دعوات البعض لاصدار قانون بمنع الحجاب نهائيا. مواقف شديدة التنافر وتعبر عن عنف الجدل الذي أثاره الحجاب هذه المرة في المجتمع الفرنسي، والذي يأتي بعد أن عاش الفرنسيون اعتداءات الباتكلان التي أدت لمصرع 138 شخصا وجرح المئات، كما يأتي في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية حادة برزت مع السترات الصفراء.