يثير عدد قياسي من الحرائق المستعرة في غابات الأمازون غضبا دوليا بسبب أهمية هذه الغابات المطيرة بالنسبة للبيئة، ودفعت الحرائق رئيس البرازيل جايير بولسونارو لإرسال الجيش للمساعدة في مكافحتها. * لماذا الأمازون مهمة؟ غابات الأمازون، التي يقع 60 في المئة منها في البرازيل، هي أكبر غابة استوائية مطيرة في العالم. وتشتهر بالتنوع البيولوجي إذ توجد بها أنواع فريدة كثيرة من النباتات والحيوانات. وتمتص هذه الأدغال الكثيفة كمية هائلة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، وهو غاز دفيء يعتقد أنه أكبر عوامل تغير المناخ، لذا فإن العلماء يقولون إن الحفاظ على غابات الأمازون أمر جوهري في محاربة الاحتباس الحراري. * ما مدى سوء الحرائق؟ بلغت حرائق الغابات في كل أنحاء البرازيل أعلى مستوياتها منذ عام 2003 على الأقل وازدادت بنسبة 84 في المئة هذا العام حتى يوم 23 أغسطس آب مقارنة بنفس الفترة قبل عام، وذلك حسبما أفادت وكالة أبحاث الفضاء البرازيلية. واندلع 78383 حريقا منذ بداية العام، نصفهم تقريبا في أغسطس وحده. وشهدت ثمان من ولايات البرازيل التسع زيادة في الحرائق، وبلغت الزيادة 146 في المئة في ولاية أمازوناس الأكبر في البلاد. وقال سكان في ولايتي هوندونيا وأمازوناس إنهم يشهدون حرائق في كل عام لكنها لم تكن بهذا السوء من قبل، مع سحب دخان تغطي المنطقة. * ما سبب اندلاع الحرائق؟ غالبا ما يتم إشعال حرائق في غابات الأمازون عمدا لإخلاء الأرض. وبعد أن يحصل قاطعو الخشب على ما يريدون، يحرق مضاربون ما يتبقى من نباتات لإخلاء الأرض على أمل بيعها لمزارعين. وتفصل عدة أشهر غابات الأمازون عن موسم الجفاف الذي يمكن فيه لهذه الحرائق أن تنتشر خارج نطاق السيطرة بشكل أسهل. وارتفع معدل إزالة الغابات في الشهور السبعة الأولى من 2019 بنسبة 67 في المئة مقارنة بالعام الماضي وزاد بأكثر من ثلاثة أمثاله في يوليو تموز وحده. ويعتقد نشطاء البيئة أن من يقطعون الغابات هم من يبدأون الحرائق. * كيف كان رد حكومة البرازيل؟ أشار بولسونارو في بادئ الأمر إلى أن الحرائق أمر طبيعي، ثم قال إن منظمات غير حكومية تشعل الحرائق لإلحاق الضرر بحكومته. ولم يقدم دليلا على هذا وتراجع لاحقا عن هذا الاتهام. وقال بولسونارو إن بلاده لا تملك الموارد اللازمة لمكافحة حرائق في منطقة بحجم غابات الأمازون، فيما حذر الدول الأخرى من التدخل وذكر أن التمويل الأجنبي يهدف لتقويض سيادة البرازيل. وقررت الحكومة الآن نشر الجيش لمكافحة الحرائق وطلبت عدة ولايات في منطقة الأمازون دعمه. ولا يزال من غير الواضح كيف سيتم نشر الجيش ولا مدى فعاليته. * ماذا يقول قادة العالم؟ وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحرائق بأنها حالة طوارئ دولية و“إبادة بيئية“ وانتقد حكومة البرازيل لعدم بذلها مزيدا من الجهد لحماية الغابة المطيرة. وقال مكتب ماكرون في بيان إنه سيعارض الموافقة النهائية على اتفاق التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وتكتل ميركسور الذي يضم دولا من أمريكا الجنوبية لأن بولسونارو كذب بشأن عوامل قلق بيئية خلال قمة مجموعة العشرين في يونيو حزيران عندما جرت الموافقة على الاتفاق للمرة الأولى. وعبر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن قلقهما حيال دمار غابات الأمازون، لكنهما قالا إن عرقلة اتفاقية التجارة ليس الرد السليم. وقال ماكرون يوم الأحد إن قادة الولاياتالمتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وكندا يضعون اللمسات الأخيرة على اتفاق محتمل خلال قمتهم السنوية على تقديم ”مساعدة فنية ومالية“ للدول المتأثرة بالحرائق بما في ذلك البرازيل. وعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المساعدة على بولسونارو في مكالمة هاتفية، لكن مسؤولين برازيليين قالوا لاحقا إنهم لا يتعاونون مع واشنطن لمكافحة الحرائق. * كيف كان رد فعل المواطنين؟ خرج البرازيليون إلى الشوارع في أكثر من 12 مدينة للاحتجاج على تقاعس الحكومة عن مكافحة الحرائق، وأغلقوا طرقا رئيسية في برازيليا وساو باولو. ونُظمت احتجاجات أمام سفارتي البرازيل في باريس ولندن. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي انتشر وسم #صلوا من أجل أمازوناس وغيره على تويتر. وتداول مستخدمون مؤيدون لبولسونارو وسما ترجمته ”الأمازون دون المنظمات غير الحكومية“ ليصبح من المواضيع الأكثر انتشارا على المنصة. * ماذا يعني الأمر لتغير المناخ؟ يخشى العلماء من أن استمرار تدمير غابات الأمازون قد يؤدي إلى نقطة تحول تدخل المنطقة بعدها إلى دورة ذاتية من الموت التدريجي للغابات فيما تتحول من غابات مطيرة إلى سافانا. ويعتقد عالم المناخ البرازيلي كارلوس نوبري أن ما يتراوح بين 15 و17 في المئة من إجمالي غابات الأمازون دمر بالفعل. وكان الباحثون يعتقدون في البداية أن نقطة التحول ستكون عند دمار نسبته 40 في المئة، لكن ذلك تغير مع ارتفاع درجات الحرارة في غابات الأمازون الناجم عن الاحتباس الحراري والعدد المتزايد من الحرائق. ويقول نوبري الآن إن نقطة التحول ستكون على الأرجح عند دمار نسبته بين 20 و25 في المئة. وأضاف أنه عند الوصول إلى نقطة التحول، سيستغرق الموت التدريجي للغابات ما بين 30 و50 عاما سينبعث خلالها 200 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي مما سيجعل إبقاء ارتفاع درجات الحرارة أقل من 1.5 إلى درجتين مئويتين، وهو ما يسعى إليه العالم لتجنب أسوأ آثار لتغير المناخ، أصعب بكثير.