انطلاقا من خطب جلالة الملك في عدة مناسبات ولاسيما خطاب 9 مارس الشهير سنة 2011. وخطاب العرش لسنوات ما بعد 2011 وما وقف عنده في خطاب العرش لسنتين على التوالي 2018 - 2019 و الجواب عن ما مدى تأثير توجيهات جلالته في المسؤولين. اذا اخذنا بعين الاعتبار ان الخطاب هو خطاب دولة موجه الى الشعب باعتباره العنصر الاهم في الدولة والذي يعاني من الظلم المركب الناتج عن وجود مهام في الدولة نفسها غير الخدومة وغير الملتزمة بشكل كافي طبقا لدفتر التحملات الذي حدده الدستور ، و رغم القناعة والتذكير المتكرر الذي يقوم به ملك البلاد لكل المسؤولين ومطالبته اياهم باصلاح البلاد دون اللجوء الى الاساليب العقابية في الاصلاح ودون اللجوء الى الديكتاتورية الاصلاحية التي اتبعتها جل الدول المتقدمة في مرحلة التأسيس للتطور والتحديث وبناء دولة القانون. ان اغلب المسؤولين في الغالب يحتمون بالعلاقات وبالقانون حفاظا على مكانتهم وممتلكاتهم وهذا يجعل لديهم الوطن والمواطن في اسفل سلم الاهتمام ، وحولوا الدولة الى غطاء لمصالحهم بدلا من الالتزام بالميثاق الغليظ للمسؤولية والعقد السياسي والاجتماعي الذي يؤطره الدستور ويكلف السلطات كل من زاوية اختصاصه بالقيام بالواجب تجاه باقي المكونات وتجاه المواطنين مقابل الحقوق القانونية، بل نجد غالبية المسؤولين اخذوا حقوقا غير مستحقة مقابل واجبات هزيلة لا ترقى الى حماية حقوق المواطنين. وعليه فان سؤال الهوية اصبح اليوم من اعقد الاسئلة . فهل كل المغاربة من نفس الصنف البشري ؟ وهل يفكرون لنفس الوطن وهل يسري القانون على الجميع دون استثناء ومن هم الخارجين عن القانون في ظل دولة القانون؟ اسئلة تحتاج الى تعميق البحث لمعرفة من يستحق الوطن ومن يشكل عائقا للاصلاح فيه ومن يعيش برجل في البلاد ورجل خارجه. ومن يهرب الاموال ويضخها في الابناك الدولية ومن يكتوي بنار الغربة في وطنه . علاقة بسؤال الثروة لا يمكن للبلاد ان تبقى متراوحة بين الترغيب والترهيب بل ينبغي استنهاض الهوية القانونية بشكل جدي وبشكل يتساوى فيه من بيده المسؤولية ومن من أجله احدثت ، كما ان الجنسيات المختلفة في جميع الدول الاوربية منضبطة لقانون الدولة المتواجدة فوق ارضها. وعليه فان قيمة الخطب الملكية تكمن في مدى استجابة كل المسؤولين للتوجيهات الملكية بالعمل الجاد وتحقيق الاهداف المسطرة وانتظارات المواطنين، والدفع بالبلاد الى مصاف الدول التي كانت اكثر تخلفا واصبحت نموذجية كتجارب الدول الاسيوية وبعض الدول الافريقية، لاسيما اذا استكملت البلاد النهضة و البناء الذين ميزتا العهد الجديد، حيث ان الاوراش الكبرى اضفت املا كبيرا على إمكانية معانقة النموذج التنموي المناسب . و بعيدا عن اي تأويل خاطئ تبدو الرغبة الحقيقية في اخراج العمل في مؤسسات الدولة من إطاره اللامسؤول الى العمل بروح الانتماء للوطن وفق المخططات التي ترسم أهدافا محددة و دقيقة و قادرة على تغيير مخرجات السياسات العمومية ، لا يمكن أن يتحقق الا بالرفع من منسوب الوعي المسؤول في دواليب الدولة والمجتمع انطلاقا من كون الوطن أمانة في اعناق الجميع مسؤولين ومواطنين .