لا يمكنك أن تلج وتتجول في مركز الجماعة القروية تامصلوحت، البعيدة عن مراكش بحوالي العشرين كيلومترا، والتابعة إداريا لإقليم الحوز، دون أن يلفت انتباهك أمران: أولهما ضريح الولي الصوفي عبد الله بن حساين، وثانيهما والأكثر إثارة للجدل، استفحال ظاهرة البناء العشوائي والفساد العمراني الذي طال هذا "الفيلاج" وجعله عبارة عن "عشوائية" مسكوت عنها... تامصلوحت تشهد وضعا أخطر من كثير من مثيلاتها بالحوز وخارجه، فالأمر يهم بناء عشوائيا على أملاك الغير، وتجزيئا عشوائيا خارج كل الضوابط القانونية رغم تعدد الأجهزة والإدارات المعنية بما يقع، ما يدفعنا لطرح سؤال: من المسؤول ومن المستفيد؟
جولة سريعة بين العديد من دروب وممرات تامصلوحت والتي تحولت لمتاهات بحكم عشوائيتها وعدم خضوعها لأي تصميم، تشعرك بأن الإحتقان والتذمر هما اللغتان اللتان تتحدثهما أغلب الساكنة وخصوصا الشباب، في ظل تردٍّ خطير للأوضاع الإقتصادية للجماعة والتي تقطن بها حوالي 6500 أسرة حسب إحصاء 2014. فاعلون جمعويون تحدثوا لأخبارنا المغربية عن غياب أي مبادرة حقيقية للتنمية بالجماعة والتي يقودها عبد الجليل قربال عن حزب الجرار، بل إن الغاضبين من سكان الجماعة، وخصوصا أولئك الذين حرروا شكايات ورسائل احتجاجية، الكثير منها همت ملف التعمير والبناء العشوائي والنزاعات العقارية يعاقبون بوصمهم بالمعارضين، والذين يدفعون ثمنا غاليا أحيانا لمعارضتهم أو احتجاجهم.
الشكايات والتي طرقت أبواب المسؤولين لوضع حد لتنامي ظاهرة البناء العشوائي بل وطالبت والي جهة مراكش أسفي كريم قسي لحلو، بإرسال لجنة للتقصي، للوقوف على الخروقات التي ساهم في انتشارها تقاعس العديد من المسؤولين والمنتخبين عن أداء مهامهم في هذا المجال.
أخبارنا وقفت على نموذج خاص يصور الوضع بتمصلوحت، وذلك ب"دوار ايكوت" الذي تتواصل به أوراش البشاعة، لتحوله بمرور السنين والأعوام لجرائم لاحتلال ملك الغير، ولتجزيء اراضي فلاحية مغروسة بأشجار الزيتون (رسمها العقاري عدد 34788م، ومساحتها الإجمالية 798 هكتار) ، وتحويلها لمناطق سكنية عشوائية تُستغل لكسب أصوات إضافية في المواسم الانتخابية، وضع يتكرر بدواوير أخرى منها : لعوينة، ابن عمر ومعزوزة... على الرغم من الشكايات التي تقدمت بها الجهات المتضررة، مالكة الأرض المحبسة، والتي تبلغ مساحتها 240 هكتارا، لكل الجهات المعنية، لكن دون جدوى...
الحسن السعيدي أحد المتضررين، أكد لأخبارنا أن ظاهرة البناء العشوائي ازدادت استفحالا وتعقيدا بشكل يفضح قوة المتواطئين، وبينهم منتخبون وموظفون ومسؤولون يؤكد السعيدي، والذين"يطبخون" صفقات البناء العشوائي على أراضي خاصة تحت جنح الظلام، حيث انتقل عدد العشوائيات من 30 منزلا عشوائيا الى ما يزيد حاليا عن 300، أمر تؤكده محاضر السلطات المحلية، والمتضمنة لقرارات هدم وإفراغ ، أمر سيتعقد أكثر بظهور أشخاص اقتنوا بقعا أرضية عليها بنايات عشوائية، مضيفا أن المعنيين وأغلبهم قادمون من خارج الجماعة يتوفرون على تنازلات مصادق عليها بإحدى ملحقات سيدي يوسف بن علي بمراكش.
الحسن السعيدي وجه شكايات في الموضوع إلى كل من وزير الداخلية ووزير السكنى والتعمير ووالي الجهة وعامل عمالة الحوز والوكالة الحضرية بمراكش من اجل " فضح هذه الممارسات التي تزداد يوما بعد يوم لدرجة أن احد الأشخاص الموالين لمسؤول بالجماعة، فوّت موخرا سبع بقع أرضية دفعة واحدة، تمت المصادقة عليها بالملحقة المذكورة ولا أثر لها بسجلاتها...
أخبارنا حاولت استقاء رأي قربال بصفته المسؤول الأول عن جماعة تامصلوحت، ولكن هاتفه ظل يرن دون رد...
وضع يزداد سوءا يوما عن يوم في ظل سكوت غير مفهوم للمسؤولين، وتوسع كبير لعشوائيات كلنا يعلم مدى خطورتها على أمن وسلامة مواطنينا وزوار بلدنا، فلطالما شكلت هاته الدواوير العشوائية مشتلا نموذجيا لمشاريع إرهابيين ومجرمين يكلفون الوطن غاليا...