تتعرض سمعة المرأة المغربية المهاجرة في منطقة الخليج للأحكام الجاهزة، التي تنبع في الكثير من الأحيان من عقليات ذكورية لا تقبل بتمتع المرأة بحريتها من دون وصاية عليها، وترفض القبول بمكاسبها المهنية الكثيرة، وتستغل بذلك أتفه الأسباب لتفرغ ما بداخلها من حقد عليها. شكلت تصريحات المخرجة المغربية بشرى إيجورك بشأن المرأة المغربية في منطقة الخليج، وما أثير حولها من جدل، فرصة ليقول البعض في هذه المرأة ما لم يقله مالك في الخمر، وإن كانت هذه الفنانة والكاتبة أكدت أن كلامها أخرج من سياقه، وعبرت عن تقديرها لهذه المرأة، ودعت جميع الضمائر الحية إلى محاربة اللواتي يسئن لسمعتها. أطر نسائية عدة اتصلت بها "إيلاف" لتدلي بدلوها في الموضوع، إلا أنها اعتذرت بمبررات مختلفة. لكن الحقيقة كما أسرّت بها إحداهن هي "أنهن غير مستعدات لسماع الإهانات والشتائم عبر تعليقات قراء مواقع إلكترونية، يجلسون إلى شاشة الحاسوب مدججين بالتهم الجاهزة والنعوت التي تحط من كرامة المرأة المغربية". فرضت المرأة المغربية في منطقة الخليج ذاتها في الكثير من القطاعات. فهي اليوم الطبيبة والإعلامية ومديرة الشركة ورئيسة المقاولة وغير ذلك من المناصب الرفيعة. وهذا ما أثار الغبار حول ما قالته إيجورك حول كرامة المرأة المغربية في الخليج. ولم تنبس المؤسسات الموكول إليها الدفاع عن مصالح الجالية المغربية ببنت شفة. حاولت إيلاف الاتصال بمجلس الجالية بالرباط، ولم توفق إلى الكلام مع مسؤوليه. صورة البلد يكونها رجاله ونساؤه حول رأيها في وضع المرأة المغربية في الخليج، تقول الفنانة بشرى إيجورك: "لا أستطيع أن أقيّم واقع المرأة المغربية المهاجرة بصفة عامة في الخليج، لأن هناك من تزوجن من خليجيين، وهناك من يشتغلن في عدة مجالات إدارية وطبية وفي الترجمة والإعلام، وهناك اللواتي يتم استغلالهن في الدعارة والمهن المرتبطة بها، كما أنني لم أستقر بدبي لفترة طويلة تمكنني من تقييم وضعية النساء المغربيات بشكل عام هناك". ولتحسين صورة المرأة المغربية التي أسيء لها كثيًرا في السنوات الأخيرة، ترى المخرجة السينمائية أن ذلك "ليس مرتبطًا بالمرأة المهاجرة فقط، بل بكل قوى المجتمع الحية، وتغيير صورة المغربيات بالخليج يلزمه قرار سياسي وإرادة قوية وتفاعل وزارات وجهات وجمعيات مختلفة، فصورة البلد يكونها رجاله ونساؤه وثقافته وفنه وإعلامه وسياحته وكل مظاهر هويته، وليس فقط المهاجرات اللواتي يكن دائمًا ضحية الصورة التي تلاحقهن كلعنة أينما حلوا أو ارتحلوا". تتابع: "صيت المغربيات في أسواق الدعارة العالمية يزعج المغاربة ذكورًا وإناثًا، وقد وصلتني رسائل واتصالات عدة من دول مختلفة، عقب الزوبعة التي خلقها بيان أطر الخليج من المغربيات اللواتي انزعجن من فيديو " إيجورك ومغربيات الخليج"، والذي أوضح مرة أخرى أن أجوبتي أخرجت من سياقها فأسيء فهمها، وكل هذه الاتصالات تعبّر عن الغصة التي يحملها المغاربة من الصورة الذهنية عن المرأة المغربية التي علينا أن نعمل كثيرًا لتصحيحها وتغييرها". عرض كلامي مبتورًا وتوضح إيجورك قائلة: "لم يحدث أن أسأت للمرأة المغربية أينما كانت، بل لي كتابات عدة وأفلام وثائقية وأعمال درامية تحتفي بالمرأة الكادحة والعالمة والمناضلة، وبالأمهات والجدات والطفلات". وتتابع: "بخصوص الفيديو الذي سبق وتحدثت عنه، فقد قدمت توضيحًا مطولا كي يتبدد سوء الفهم، إذ كنت أرد على سؤال منشط البرنامج الإذاعي بخصوص دور "نوال" الذي قدمته في مسلسل " دموع الرجال"، وهو آخر عمل درامي أشرفت على كتابته، وكنت أتحدث عن الدور وهو لفتاة مصففة شعر تحلم بالسفر إلى دبي للعمل وكسب المال الوفير". وأضافت المخرجة: "جرنا الحديث إلى فترة تواجدي بدبي لتوضيب أفلام وثائقية أخرجتها لقناة الجزيرة، وتحدثت عن المغربيات اللواتي يمتهن الدعارة بدبي، لكن الفيديو عرض مبتورًا ما خلق سوء الفهم، فاعتبر كلامي تعميمًا، لكنني حينما تحدثت عن مغربيات الخليج ضحايا شبكات الدعارة فإنني طبعًا لا أخص بالذكر ربات البيوت والعاملات وكل النساء الحرات العفيفات اللواتي يعشن بكرامة". وتخلص إيجورك إلى أنه "يجب أن نعمل معًا، كل من زاويته وموقعه، للمساهمة الفعالة في التربية والمواطنة وتوعية الأسر، وخصوصا الفتيات، وتسليحهن بما يكفي من العلم والمعرفة لاختيار الطريق الأنبل للعيش الكريم، والكسب الحلال ومحاربة الحلم الخليجي من خلال القضاء على وسطاء الدعارة وشبكات التهريب والسماسرة". وتعتقد إيجورك أن الدراما المغربية والأعمال السينمائية "يمكن أن يكون لها الوقع الكبير في فضح المسكوت عنه في هذا العالم المليء بالأسرار". قلة ورّطت كثرة نورة عادل، متزوجة وأم لطفلة، تعمل مسؤولة إعلامية بمؤسسة رياضية خليجية كبرى، تؤكد في تصريح ل "إيلاف" أن المرأة المغربية تتقلد مناصب مهمة في دول الخليج، سواء على صعيد القطاع الخاص أو الحكومي، فضلا عن ربات البيوت. تقول: "بالنسبة إلي، أرى أن المرأة المغربية مخلصة في عملها، دائمة العطاء، فتجدها متألقة دومًا". وتأسف عادل لوجود قلة من النساء "أثرن سلبًا على سمعة المغربيات في دول الخليج بشكل عام، لكن نحاول أن نغير هذه الصورة النمطية من خلال إبراز الجانب الإيجابي للمرأة المغربية التي رفعت لواء بلدها عاليًا". وتعيب عادل على الإعلام المغربي تقصيره في حق المغربيات المقيمات بالخليج، موضحة في هذا السياق أنه "لم نقرأ أو نسمع يومًا في وسيلة إعلامية مغربية عن إنجاز مغربي في الخليج، بقدر ما يتم نشر ما هو سلبي، وربما هي سياسة كل وسيلة إعلامية من أجل استقطاب نوعية من القراء، لكنها بمثابة سكاكين تشق صدورنا وتؤلمنا". وتشير عادل إلى أن المغربيات "يحاولن بشتى الوسائل أن يثبتن للعالم كفاءاتهن، ونجاحهن في عملهن أكبر دليل على قدرات المرأة المغربية". وتتابع في نفس الإطار أنه "لدينا العديد من اللقاءات كعناصر نسائية، كذلك لدينا تواصل شبه يومي، نطرح فيه طموحاتنا والتحديات التي تواجهنا، ونسعى لتمثيل المغرب على أحسن وجه". وتقدم مثالًا على ذلك ما أثاره تصريح المخرجة المغربية بشرى إيجورك لدى النساء المغربيات في المنطقة، معتبرة أن الأخيرة "تطاولت على المغربيات بالخليج، لكن تصريحها لم يضعفنا بقدر ما زادنا قوة وإصرارًا على إيصال الصورة الصحيحة للمغربيات"