أسندت السلطات المغربية مهمة مراقبة المطابقة لأحكام الشريعة في المصرفية الإسلامية إلى لجنة متفرعة عن الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء لدى المجلس العلمي الأعلى، الذي يرأسه الملك، والتي تختص وحدها دون غيرها بإصدار الفتاوى الرامية إلى بيان حكم الشريعة الإسلامية في القضايا ذات الصبغة العامة في المغرب. وحسب مشروع القانون المصرفي الجديد الذي أعدته الحكومة، فإن هذه اللجنة، التي سيطلق عليها اسم «لجنة الشريعة للمالية» ستتولى «صلاحيات البت حول مطابقة عمليات ومنتجات المصارف الإسلامية للشريعة، والرد على استشارات البنوك، وإبداء رأي مسبق حول محتوى الحملات الدعائية لمصارف الإسلامية، واقتراح أي تدبير من شأنه الإسهام في تنمية أي منتوج أو خدمة مالية مطابقة للشريعة». ويتولى البنك المركزي سكرتارية «لجنة الشريعة للمالية»، ويصدر كل قراراته المتعلقة بالمصرفية الإسلامية استنادا إلى رأي هذه اللجنة، والتي نص مشروع القانون على أن آراءها تعلو على كل تفسير مناف لها. كما أكد القانون أولوية الاستناد إلى أحكام الشريعة على كل التشريعات الأخرى في مجال الصيرفة الإسلامية والمنتجات والخدمات المرتبطة بها. وأطلق القانون على المصارف الإسلامية اسم «المصارف التشاركية»، ووصفها بأنها مؤسسات تزاول كل الأنشطة المصرفية من قبيل تلقي الأموال من الزبائن، وعمليات الائتمان، ووضع جميع وسائل الأداء رهن تصرف العملاء أو القيام بإدارتها، بالإضافة إلى الخدمات الاستثمارية وعمليات الصرف، بصفة اعتيادية بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة، وكذا العمليات التجارية والمالية والاستثمارية باستثناء كل عملية تعامل بالفائدة أخذا أو عطاء. كما نص القانون على إنشاء صندوق لضمان الودائع التي تتلقاها «المصارف التشاركية» من العملاء. ويتولى هذا الصندوق تعويض المودعين لدى هذه البنوك في حالة عدم توفر ودائعهم أو جميع الأموال الأخرى القابلة للإرجاع. ويجوز كذلك للصندوق، على وجه الاحتياط والاستثناء، أن يقدم لبنك تشاركي في وضعية صعبة وفي حدود المتوفر، مساعدات قابلة للإرجاع أو أخد مساهمة في رأسماله. وتحدد شروط وكيفية سير هذا الصندوق بمنشور يصدره محافظ البنك المركزي المغربي بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان ولجنة الشريعة للمالية. ويفرض القانون على المصارف الإسلامية أن تضع لجنة فحص تتولى مهام التعرف والوقاية من مخاطر عدم المطابقة لأحكام الشريعة، ضمان تتبع تطبيق آراء لجنة الشريعة للمالية ومراقبة مدى احترام هذا التطبيق، وضع الإجراءات المتعلقة بأحكام الشريعة الواجب احترامها، واعتماد التدابير المطلوبة في حالة عدم احترام الشروط المفروضة عند وضع منتوج صدر بخصوصه رأي شرعي. وتحدد شروط وكيفية سير هذه اللجنة بمنشور يصدره محافظ بنك المغرب بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان. وتخضع المصارف الإسلامية لمراقبة البنك المركزي، وتمارس نشاطها بعد اعتمادها من طرفه وفق الإجراءات العادية المتبعة في اعتماد المؤسسات المصرفية بالمغرب. وخصص مشروع القانون المصرفي الجديد في المغرب بابه الثالث للمصرفية الإسلامية، وتعتبر هذه المرة الأولى التي يدخل فيها المغرب ترتيبات خاصة بالمصرفية الإسلامية ضمن قانونه البنكي. يرتقب أن يتم عرض مشروع القانون خلال الأسابيع المقبلة للمصادقة عليه من طرف الحكومة قبل أن يأخذ مساره للمصادقة في البرلمان.