قالت صحيفة “صاندي تايمز” البريطانية إن دعم الرئيس دونالد ترامب لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لا يضمن له استقبالا وقبولا من القادة الذين سيتوافدون على بيونس أيرس، عاصمة الأرجنتين في نهاية الشهر. وأعلن ولي العهد عن نيته المشاركة في قمة العشرين وبدأ جولة إقليمية وزار فيها اولا حليفه ولي عهد الإمارات محمد بن زايد. وجاء في التقرير الذي أعده كل من جوش غلانسي وفيليب شيرويل وماثيو غامبل: “من النادر أن يكون موضوع تحديد مكان جلوس الضيوف مثارا للإزعاج عندما يجتمع قادة العالم في بيونس أيرس وحضور ضيف متهم بإصدار أمر لقتل واحد من نقاده”. وترى الصحيفة أن قمة العشرين هذا الأسبوع ستكون حافلة بدراما غير عادية. ويحاول من خلالها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، المعروف ب م ب س إعادة تأهيل نفسه وسط غضب لم يخفت على جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي في اسطنبول الشهر الماضي. وترى الصحيفة أن طريقة الإخراج ستكون غير مريحة خاصة ان الكثير من قادة الدول لا يريدون الظهور امام عدسات التلفزة العالمية يجلسون إلى جانب محمد بن سلمان أو مقابلته خلف الأبواب المغلقة. فقد قررت كل من ألمانيا والدانمارك حظر تصدير السلاح إلى السعودية فيما أصدرت ألمانيا وفرنسا وأمريكا عقوبات على 18 سعوديا يعتقد بتورطهم في جريمة قتل خاشقجي في 2 تشرين الأول (أكتوبر). ورفض دونالد ترامب تحميل م ب س المسؤولية في بيانه يوم الثلاثاء. وبدأ بن سلمان اول جولة خارجية منذ مقتل خاشقجي والتي ستنتهي في بيونس أيرس. وتقول الصحيفة إن ولي العهد السعودي يواجه مهمة صعبة خاصة أن قلة تصدق عدم تورطه، مباشرة أو غير مباشرة بالجريمة. وللتأكد من بداية جيدة لجولته بدأها بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة الحليف المهم له. وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب في بيانه “أمريكا أولا” تساءل إن كان م ب س يعرف أو لا يعرف بالجريمة، رغم تقييم المخابرات الأمريكية بوجود مستوى عال لمعرفة الأمير بجريمة القتل الشنيعة. وسيكون رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي الذي يواصل الضغط على بن سلمان من الحاضرين في القمة. وهاجم وزير خارجيته يوم الجمعة الرئيس الأمريكي واتهمه “بغض النظر” عن الجريمة.
وقال متحدث باسم أردوغان أنه لن يلتقي مع محمد بن سلمان بشكل خاص رغم التقارير التي تحدثت عن إمكانية لقاء. وسيقوم الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري، الذي كان مديرا سابقا لناد رياضي بلعب دور المضيف. ومنح هذا الشرف بسبب إعادته الأرجنتين إلى ما تقول عنه الصحيفة المكانة الدولية بعد هزيمة منافسته الشعبوية. وعانى الإقتصاد الأرجنتيني من الجفاف وانهيار العملة بحيث دفعه للحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي الذي قدم 57 مليار دولار وهي أكبر رزمة مساعدات في التاريخ. وتقول الصحيفة إن الأرجنتين لم توفر أي شيء لتأمين حماية القمة. وعرضت أمريكا وإسرائيل تقديم الطائرات والدراجات النارية والشرطة. وقام الأمن بملاحقة المشتبه بهم. إلا أن إضراب موظفي شركة الخطوط الأرجنتينية “إيروليناس أرجينتيناس” والذي أدى إلى إلغاء 370 رحلة يهدد بالفوضى في الأيام التي تسبق ما ينظر إليها أكبر قمة في تاريخ الأرجنتين. ويتوقع أن تشهد القمة حوارات صعبة حيث سيدافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن اتفاقية المناخ عام 2015، ويأمل الصينيون بلقاء بين الرئيس شي جينبيغ وترامب لحل الخلافات التجارية العالقة بين البلدين. وستلتقي تريزا ماي، رئيسة الوزراء البريطانية مع الرئيس مارسي حيث سيناقشان على هامش المؤتمر ان بريطانيا في مرحلة ما بعد البركسسيت لديها مصلحة متبادلة مع الأرجنتين وحان الوقت لدفن الخلافات بشان الفوكلاند والتركيز على العلاقات التجارية. ومن المتوقع أن يحضر خلال الجلسة الأولى للمجموعة سؤال يتعلق بكيفية التعامل مع شبح خاشقجي الذي سيهمن على مأدبة العشاء.
وقال جيرالد فيرستاين، السفيرالامريكي السابق في اليمن “لا أعتقد أن ترامب سيواجه مشكلة لمصافحة محمد بن سلمان” و “موقف تيريزا ماي أو إيمانويل ماكرون أو انغيلا ميركل لعمل كهذا أمر سيثير انتباهنا، وربما كانت هناك لحظات غير مريحة على الطاولة”. ولن يجد فلاديمير بوتين أي مانع من الجلوس مع بن سلمان وكذا شي شي جينبينغ. أما ترامب فرفضه شجب السعودية هي لحظة مهمة في رئاسته والتي عبر عنها من خلال مدخله التعاقدي للسياسة الخارجية. ويرى فيرستاين ان الفرق بين ترامب وسابقيه من الرؤساء هي أن لديه فهم ضيق لم تعنيه المصالح الامريكية و”يعرفها بشكل كامل من خلال الدولارات والسنتات ولا أعتقد ان أيا من أسلافه سيوافقه على هذا المنطور”. ويواجه ترامب مواقف من الكونغرس وتحقيقات في علاقاته مع السعودية بما في ذلك علاقته وصهره جارد كوشنر مع ولي العهد السعودية. وقال إليوت إنجيل، النائب الديمقراطي “يتصرف الرئيس وكأن الولاياتالمتحدة تعتمد على السعودية وليس العكس”. ويأمل النواب الديمقراطيون والجمهرويون بإجبار الرئيس على تغيير سياسته من اليمن ووقف الدعم العسكري. ويحاول السناتور المستقل بيرني ساندرز التقدم من جديد بمشروع قرار بهذا الإتجاه إلا أن وقوف الرئيس مع السعودية يعني أن تحقيق هذا أمر بعيد في الوقت الحالي. وطالب مسؤول لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، بوب كوركر توضيحات من السي آي إيه حول تقييمها للجريمة، ويتوقع ظهور كل من جيمس ماتيس، وزير الدفاع والخارجية مايك بومبيو ومساءلة قوية من المشرعين. ويقول داعموا الرئيس أن الغضب على مقتل خاشقجي كان انتقائيا ولا يستحق تعريض المصالح الأمريكية مع السعودية للخطر. وبحسب تيد بروماند من “مؤسسة التراث” “السعودية ودول الخليج وتركيا لا أحد منها جيد” و”هناك درجات من العفونة. والسؤال هو كيف يمكنك منع أكثرها شرا، واعتقد أن ترامب مصيب في نهجه”. وليس من الواضح إن كان ترامب سيلتقي مع الأمير شخصيا. والصين مثل روسيا لم تهتم بالجريمة، وقادتها مهتمون اكثر بالتحضير للذكرى الأربعين التي حولت البلاد إلى قوة اقتصادية عالمية.
وسيتناول الرئيس الصيني عشاء مع ترامب ليلة السبت قبل القمة. ويأتي هذا اللقاء بعد أشهر من المواجهة وزيادة التعرفة الجمركية على نصف الوارادت الصينية بقيمة 250 مليار دولار ورد الصين بفرض جمارك على البضائع الأمريكية بقيمة 110 مليار دولار. وهناك محادثات مكثفة خلف الأضواء للتوصل إلى صفقة في بيونس أيرس وتاجيل فرض تعرفات جديدة على ما تبقى من الواردات الصينية بقيمة 267 مليار دولار. وعرضت الصين تنازلات من مثل شراء المزيد من الغاز الطبيعي الأمريكي وتحسين شروط عمل الشركات الأمريكية في الصين.