من الآيات العظيمة التي خلقها الله سبحانه و تعالى في هذا الكون, آية الزمان, و آية المكان. و جعل في الشمس و القمر, و تقلب الليل و النهار آيات بينات, و في عدة الشهور. قال عز وجل: (إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ). التوبة الاية 36 و جعلهما وعاء للحياة, و ميدانا لكل الأفعال, فلا يتصور فعل خارج الزمان أو المكان, إلا ما تعلق بالمعجزات فحينها تخرق القواعد و تتجاوز المبادئ. و لعظم الزمان, فقد أقسم الله سبحانه و تعالى به في القرآن الكريم في غير موضع, قال عز و جل:" وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) قال ايضا:" وَالْعَصْرِ (1)إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2) كما جعل العبادات و المواسم مرتبطة بزمان و مكان محددة تحديدا دقيقا. كما في الصلاة حيث سميت بأسماء أوقاتها, الفجر و الصبح و الظهر و العصر و المغرب و العشاء. تدور مع حركة الشمس في اليوم و الليلة. و حث على الالتزام بمواقيتها, قال تعالى: ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) النساء: 103 اي معلومة و محدد بوقت. و في الزكاة, : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) الانعام 141. يعني : الزكاة المفروضة ، يوم يكال ويعلم كيله. و حين حصاده كناية على وقت كيله , و اشترط في زكاة الأموال حولان الحول. و كذلك الصوم الذي ربطه بشهر رمضان يبدأ برؤية الهلال و ينتهي به الا اذا غم فعدته ثلاثين يوما. و في الصيام ايضا يبدأ الامساك من طلوع الفجر الى غروب الشمس. و في الحج و مناسكه المؤقت بزمن لا تصح الا به. و جعل عدة المتوفى عنها زوجها من غير الحامل زمنا و موقتا يعد لا تتم العدة الا به. و في المطلقة التي لا تحيض ايضا. قال تعالى في سور الطلاق الاية 4: (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن.) و في الجهاد جعل أشهرا حرما لا ينبغي فيها القتال الا لرد العدوان. و هي ذو القعدة، وذو الحجّة، ومحرّم، ورجب.
و لهذه الاسباب ورغيرها فقد تكفل الله سبحانه و تعالى بذلك, و بينه لنبيه صلى الله عليه و سلم الذي بلغه بأمانة, تأكيدا على ان الوقت و الزمن الشرعي مقصود في العبادة, لا تتم و لا تصح العبادة إلا به.
و ليتعلم المسلمون أهمية الوقت في حياتهم و ترتيب مصالحهم و ضبط معايشهم.